وَكَذَا لَوْ نَقَصَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ شَجَّةٍ، (وَإِنْ) غَصَبَ عَبْدًا وَ (خَصَاهُ أَوْ أَزَالَ) مِنْهُ (مَا تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ مِنْ حُرٍّ) كَأَنْفِهِ أَوْ لِسَانِهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ رِجْلَيْهِ (رَدَّهُ) عَلَى مَالِكِهِ.
(وَ) رَدَّ مَعَهُ (قِيمَتَهُ) كُلَّهَا نَصًّا. لِأَنَّ الْمُتْلَفَ الْبَعْضُ فَلَا يَتَوَقَّفُ ضَمَانُهُ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ كَقَطْعِ خُصْيَتَيْ مُدَبَّرٍ، وَلِأَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الْمُفَوَّتُ. فَلَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ غَيْرِهِ أَيْ: غَيْرِ الْمُفَوَّتِ بِضَمَانِهِ. كَمَا لَوْ قَطَعَ تُسْعَ أَصَابِعِهِ.
(وَإِنْ قَطَعَ) غَاصِبٌ مِنْ رَقِيقٍ مَغْصُوبٍ (مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ) مِنْ حُرٍّ وَلَوْ شَعْرًا (دُونَ ذَلِكَ) أَيْ: الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ كَقَطْعِ يَدٍ أَوْ جَفْنٍ أَوْ هُدْبٍ وَنَحْوِهِ (فَ) عَلَى غَاصِبٍ (أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ) مِنْ دِيَةِ الْمَقْطُوعِ أَوْ نَقْصِ قِيمَتِهِ لِوُجُودِ سَبَبِ كُلٍّ مِنْهُمَا. فَوَجَبَ أَكْثَرُهُمَا وَدَخَلَ فِيهِ الْآخَرُ. فَإِنَّ الْجِنَايَةَ وَالْيَدَ وُجِدَا جَمِيعًا. فَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَزَادَتْ عِنْدَهُ إلَى أَلْفَيْنِ. ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ رَدَّهُ وَأَلْفًا وَإِنْ صَارَ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ رَدَّهُ وَأَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ. فَإِنْ كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ فَقَطْ، وَمَا زَادَ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْكُلَّ لِحُصُولِ النَّقْصِ بِيَدِهِ.
(وَيَرْجِعُ غَاصِبٌ غَرِمَ) الْكُلَّ (عَلَى جَانٍ بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ) لِحُصُولِ التَّلَفِ بِفِعْلِهِ فَيَسْتَقِرُّ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ مَا زَادَ عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْغَاصِبِ ; لِأَنَّ الْجَانِيَ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (وَلَا يَرُدُّ مَالِكٌ) تَعَيَّبَ مَالُهُ عِنْدَ غَاصِبٍ وَاسْتَرَدَّهُ وَأَرْشُ عَيْبِهِ (أَرْشُ مَعِيبٍ أَخَذَهُ) مِنْ غَاصِبٍ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمَغْصُوبِ (بِزَوَالِهِ) أَيْ: الْعَيْبِ عِنْدَ مَالِكٍ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَمَرِضَ عِنْدَهُ فَرَدَّهُ، وَأَرْشَ نَقْصِهِ بِالْمَرَضِ ثُمَّ بَرِئَ عِنْدَ مَالِكِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَصِرْ بِهِ نَقْصٌ فَلَا يَرُدُّ أَرْشَهُ. لِأَنَّهُ عَوَّضَ مَا حَصَلَ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِنْ النَّقْصِ بِتَعَدِّيهِ وَاسْتَقَرَّ ضَمَانُهُ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ نَاقِصًا. فَإِنْ أَخَذَهُ مَالِكُهُ دُونَ أَرْشِهِ فَزَالَ عَيْبُهُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرِئَ فِي يَدِ غَاصِبٍ فَيَرُدُّ مَالِكُهُ أَرْشَهُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ.
(وَلَا يَضْمَنُ) غَاصِبٌ رَدَّ مَغْصُوبًا بِحَالِهِ (نَقْصُ سِعْرٍ) كَثَوْبٍ غَصَبَهُ، وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً وَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى نَقَصَ سِعْرُهُ فَصَارَ يُسَاوِي ثَمَانِينَ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ بِرَدِّهِ شَيْءٌ. لِأَنَّهُ رَدَّ الْعَيْنَ بِحَالِهَا لَمْ تَنْقُصْ عَيْنًا وَلَا صِفَةً. بِخِلَافِ السِّمَنِ وَالصَّنْعَةِ، وَلَا حَقَّ لِلْمَالِكِ فِي الْقِيمَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِيهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ كَمَا كَانَتْ (كَهُزَالٍ زَادَ بِهِ) سِعْرُ الْمَغْصُوبِ أَوْ لَمْ يَزِدْ بِهِ وَلَمْ يَنْقُصْ، كَعَبْدٍ مُفْرِطٍ فِي السِّمَنِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غُصِبَ ثَمَانُونَ فَهَزَلَ عِنْدَ غَاصِبِهِ فَصَارَ يُسَاوِي مِائَةً. أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute