للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(غَاصِبٌ) غَرِمَ لِمَالِكٍ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ (بِقِيمَةِ مَنْفَعَةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَسْتَرِدُّ مُشْتَرٍ) وَنَحْوُهُ (وَمُسْتَأْجِرٌ) مِنْ غَاصِبٍ (لَمْ يُقِرَّا بِالْمِلْكِ لَهُ) أَيْ: الْغَاصِبِ (مَا دَفَعَاهُ) لَهُ (مِنْ الْمُسَمَّى) فِي بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ مِنْ ثَمَنٍ وَأُجْرَةٍ (وَلَوْ عَلِمَا) أَيْ: الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرُ (الْحَالَ) أَيْ كَوْنَ الْعَيْنِ مَغْصُوبَةً لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ. لِأَنَّ الْغَاصِبَ غَيْرُ مَالِكٍ وَغَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ، فَلَا يَمْلِكُ الثَّمَنَ وَلَا الْأُجْرَةَ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِيمَةُ الَّتِي ضُمِنَتْ لِلْمَالِكِ وَفْقَ الثَّمَنِ أَوْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ. فَإِنْ أَقَرَّا بِالْمِلْكِ لَهُ لَمْ يَسْتَرِدَّا مَا دَفَعَاهُ لَهُ مِنْ الْمُسَمَّى مُؤَاخَذَةً لَهُمَا بِإِقْرَارِهِمَا. صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْمُشْتَرِي. وَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى وَهُوَ ظَاهِرُ الْإِقْنَاعِ: يَرْجِعَانِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ الْيَدُ، وَقَدْ بَانَ عُدْوَانُهَا. وَلَوْ طَالَبَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ إذَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ الْقِيمَةِ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الْمُتَّجِرِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ: أَنَّ الرِّبْحَ لِلْمَالِكِ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ.

الثَّالِثَةُ: يَدُ الْقَابِضِ تَمَلُّكًا بِلَا عِوَضٍ، أَمَّا الْعَيْنُ وَمَنَافِعُهَا كَالْمُتَّهَبِ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ، أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَالْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا وَالرَّابِعَةُ: يَدُ الْقَابِضِ لِمَصْلَحَةِ الدَّافِعِ فَقَطْ، كَوَكِيلٍ وَمُودَعٍ وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَفِي تَمَلُّكٍ بِلَا عِوَضٍ) كَهِبَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ بِعَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ (وَعَقْدِ أَمَانَةٍ) كَوَكَالَةٍ الْوَدِيعَةٍ وَرَهْنٍ (مَعَ جَهْلِ) قَابِضٍ بِغَصْبٍ (يَرْجِعُ مُتَمَلِّكٌ وَأَمِينٌ) عَلَى غَاصِبٍ (بِقِيمَةِ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ) غَرِمَاهُمَا لِمَالِكٍ، لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ضَمَانِ شَيْءٍ. وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا مَا سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ وَالرَّهْنِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ وَالْأَمِينَ فِي الرَّهْنِ إذَا بَاعَا وَقَبَضَا الثَّمَنَ ثُمَّ بَانَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُطَالِبُهُمَا بِالثَّمَنِ الَّذِي أَقْبَضَهُ لَهُمَا لِتَعَلُّقِ حُقُوقِ الْعَقْدِ بِالْمُوَكَّلِ بِدُونِ الْوَكِيلِ. أَمَّا كَوْنُ الْمُسْتَحِقِّ لِلْعَيْنِ لَا يُطَالِبُ الْوَكِيلَ فَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ هُنَاكَ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ بِمَعْزِلٍ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ (وَلَا يَرْجِعُ غَاصِبٌ) غَرِمَ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ عَلَى مُتَّهِبٍ وَنَحْوَهُ، أَوْ أَمِينٌ تَلِفَتْ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ (بِشَيْءٍ) حَيْثُ جَهِلَا الْحَالَ.

الْخَامِسَةُ: يَدُ الْمُسْتَعِيرِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَفِي عَارِيَّةٍ مَعَ جَهْلِ مُسْتَعِيرٍ) بِالْغَصْبِ إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ عِنْدَهُ (يَرْجِعُ) مُسْتَعِيرٌ ضَمَّنَهُ مَالِكُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ (بِقِيمَةِ مَنْفَعَةٍ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ضَمَانِهَا، فَقَدْ غَرَّهُ، وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْعَيْنِ إنْ لَمْ تَتْلَفْ بِالِاسْتِعْمَالِ بِالْمَعْرُوفِ، لِأَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ.

(وَ) يَرْجِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>