كَالْأَثْمَانِ وَلَوْ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً رَائِجَةً وَالْحُبُوبَ وَالْأَدْهَانَ وَنَحْوَهَا، وَفِي رُطَبٍ صَارَ تَمْرًا وَسِمْسِمٍ صَارَ شَيْرَجًا يُخَيَّرُ مَالِكُهُ فَيَضْمَنُهُ أَيْ: الْمِثْلَيْنِ أَحَبَّ. وَأَمَّا مُبَاحُ الصِّنَاعَةِ كَمَعْمُولِ حَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَصُوفٍ وَشَعْرٍ مَغْزُولٍ فَيُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ لِتَأْثِيرِ صِنَاعَتِهِ فِي قِيمَتِهِ وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ، وَالْقِيمَةُ فِيهِ أَحْضَرُ. (فَإِنْ أَعْوَزَ) مِثْلِيُّ الْمُتْلَفِ أَيْ: تَعَذَّرَ لِعَدَمٍ أَوْ بُعْدٍ أَوْ غَلَاءٍ (فَ) الْوَاجِبُ (قِيمَةُ مِثْلِهِ يَوْمَ إعْوَازِهِ) أَيْ: الْمِثْلِيِّ لِوُجُوبِ الْقِيمَةِ فِي الذِّمَّةِ حِينَ انْقِطَاعِ الْمِثْلِ كَوَقْتِ تَلَفِ الْمُتَقَوِّمِ وَدَلِيلُ وُجُوبِهَا إذَنْ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ طَلَبَهَا وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ أَدَاؤُهَا وَلَا يَبْقَى وُجُوبُ الْمِثْلِ لِلْعَجْزِ عَنْهُ. وَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ طَلَبَهُ وَلَا اسْتِيفَاءَهُ، (فَإِنْ قَدَرَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمِثْلُ (عَلَى الْمِثْلِ) قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ (لَا بَعْدَ أَخْذِهَا وَجَبَ) الْمِثْلُ ; لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَقَدْ قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الْبَدَلِ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ. فَإِنْ أَخَذَ الْمَالِكُ الْقِيمَةَ عَنْهُ اسْتَقَرَّ حُكْمُهَا وَلَمْ تُرَدَّ، وَلَا طَلَبَ بِالْمِثْلِ إذَنْ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِأَخْذِهَا (وَ) ضَمِنَ (غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرُ الْمِثْلِيِّ إذَا تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ (بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَلَفِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا " «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ بِالتَّقْوِيمِ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ ; لِأَنَّهَا مُتْلَفَةٌ بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْمِثْلِ. وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ لَا تَتَسَاوَى أَجْزَاؤُهُ وَتَخْتَلِفُ صِفَاتُهُ. فَالْقِيمَةُ فِيهِ أَعْدَلُ وَأَقْرَبُ إلَيْهِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (فِي بَلَدِ غَصْبِهِ مِنْ نَقْدِهِ) أَيْ: بَلَدِ الْغَصْبِ ; لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الضَّمَانِ وَمُقْتَضَى التَّعَدِّي (فَإِنْ تَعَدَّدَ) نَقْدُ بَلَدِ غَصْبِهِ بِأَنْ كَانَ فِيهِ نُقُودٌ (فَ) الْقِيمَةُ (مِنْ غَالِبِهِ) رَوَاجًا لِانْصِرَافِ اللَّفْظِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ مُطْلَقٍ.
(وَكَذَا) أَيْ: كَالْمَغْصُوبِ فِيمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (مُتْلَفٌ بِلَا غَصْبٍ وَمَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) يَجِبُ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ كَبَيْعٍ لَا نَحْوِ هِبَةٍ (وَمَا أُجْرِيَ مَجْرَاهُ) أَيْ: مَجْرَى الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ (مِمَّا لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ) أَيْ: مِلْكِ الْمُتْلِفِ لَهُ، فَيُضْمَنُ مِثْلِيٌّ بِمِثْلِهِ وَمُتَقَوِّمٌ بِقِيمَتِهِ، (فَلَوْ دَخَلَ) تَالِفٌ فِي مِلْكِ مُتْلِفِهِ (بِأَنْ أَخَذَ) مِنْ آخَرَ شَيْئًا (مَعْلُومًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، أَوْ) أَخَذَ (حَوَائِجَ) مُتَقَوِّمَةً. كَفَوَاكِهَ وَبُقُولٍ وَنَحْوِهِمَا (مِنْ بَقَّالٍ وَنَحْوِهِ) كَجَزَّارٍ وَزَيَّاتٍ (فِي أَيَّامٍ ثُمَّ يُحَاسِبُهُ) عَلَى مَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ (فَإِنَّهُ) لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَلَا الْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ، بَلْ (يُعْطِيهِ بِسِعْرِ يَوْمِ أَخْذِهِ) لِتَرَاضِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ. وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ.
(وَيُقَوَّمُ مَصُوغٌ مُبَاحٌ) كَحُلِيِّ النِّسَاءِ (مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) إذَا تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute