زَوَائِدَهَا الْمُتَّصِلَةَ مِنْ سِمَنٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَرُدُّ الْمُنْفَصِلَةَ بِلَا نِزَاعٍ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ.
قَالَ الْمَجْدُ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ ; لِأَنَّ الشَّجَرَ وَالْحَيَوَانَ لَا يَكُونُ أَبَدًا فِي نَفْسِهِ نَفْسُ الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ بَلْ بَدَلٌ عَنْهَا. فَإِذَا رَجَعَ الْمَغْصُوبُ رَدَّ الْقِيمَةَ لَا بَدَلَهَا، كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِدَرَاهِمَ. ثُمَّ أَخَذَ عَنْهَا ذَهَبًا، أَوْ سِلْعَةً ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِدَرَاهِمِهِ لَا بِبَدَلِهَا انْتَهَى. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الثَّمَنَ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ دَرَاهِمَ، فَإِذَا عَرَضَهُ عَنْهَا شَيْئًا فَهُوَ عَقْدٌ آخَرُ. وَأَمَّا هُنَا فَالْقِيمَةُ لَمْ تَثْبُتْ فِي الذِّمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ، فَمَا دَفَعَهُ ابْتِدَاءً هُوَ الْقِيمَةُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النَّقْدَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (أَوْ) يَأْخُذُ (بَدَلَهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (إنْ تَلِفَتْ) أَيْ: مِثْلَهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَإِلَّا فَقِيمَتَهَا، وَلَيْسَ لِغَاصِبٍ حَبْسُ الْمَغْصُوبِ لِتُرَدَّ قِيمَتُهُ. وَكَذَا مُشْتَرٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ عَلَى رَدِّ ثَمَنِهِ صَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ، بَلْ يُدْفَعَانِ إلَى عَدْلٍ يُسَلِّمُ إلَى كُلٍّ مَالَهُ.
(وَ) يَجِبُ (فِي عَصِيرٍ تَخَمَّرَ (خَلًّا بِيَدِهِ رَدُّهُ) إلَى مَالِكِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ، (وَ) رَدَّ مَعَهُ (أَرْشَ نَقْصِهِ) إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِتَخَلُّلِهِ عَنْ قِيمَتِهِ عَصِيرًا، لِحُصُولِ النَّقْصِ بِيَدِهِ كَتَلَفِ جُزْءٍ مِنْهُ، (وَكَمَا لَوْ نَقَصَ بِلَا تَخَمُّرٍ) بِأَنْ صَارَ ابْتِدَاءً خَلًّا وَكَغَصْبِ شَابَّةٍ فَتَهْرَمُ (وَاسْتَرْجَعَ) الْغَاصِبُ إذَا رَدَّ الْخَلَّ وَأَرْشَ نَقْصِ الْعَصِيرِ (الْبَدَلَ وَهُوَ مِثْلُ الْعَصِيرِ الَّذِي دَفَعَهُ لِمَالِكِهِ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا لَوْ أَدَّى قِيمَةَ الْآبِقِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ لِرَبِّهِ. وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ عَصِيرٍ أَوْ زَيْتٍ غَلَاهُ غَاصِبٌ بِغَلَيَانِهِ فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ.
(وَمَا صَحَّتْ إجَارَتُهُ مِنْ مَغْصُوبٍ وَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) كَرَقِيقٍ وَدَوَابَّ وَسُفُنٍ وَعَقَارٍ (فَعَلَى قَابِضٍ وَغَاصِبٍ) بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ بَقَائِهِ بِيَدِهِ،) فَتُضْمَنُ مَنَافِعُهُ بِالْفَوَاتِ وَالتَّفْوِيتِ أَيْ: سَوَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ أَوْ تَرَكَهَا تَذْهَبُ ; لِأَنَّ كُلَّ مَا ضَمِنَهُ بِالْإِتْلَافِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ جَازَ أَنْ يَضْمَنَهُ بِمُجَرَّدِ التَّلَفِ كَالْأَعْيَانِ. وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ، فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَالْعَيْنِ. وَأَمَّا خَبَرُ " «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» " فَفِي الْبَيْعِ. وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْغَاصِبُ وَنَحْوُهُ. وَالْمُرَادُ بِالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ الْفَاسِدَتَانِ بِخِلَافِ عُقُودِ الْأَمَانَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ كَالْوَكَالَةِ وَالْمُضَارَبَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِهَا فَلَا يُضْمَنُ فِي فَاسِدِهَا.
(وَمَعَ عَجْزِ) غَاصِبٍ (عَنْ رَدِّ) مَغْصُوبٍ تَصِحُّ إجَارَتُهُ تَلْزَمُ أُجْرَتُهُ (إلَى) وَقْتِ (أَدَاءِ قِيمَةٍ) . وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute