ومن العجائب أن المذكور جرت له في سلطنة الظاهر جقمق في سنة ست وثلاثين مناقشة مع القاضي أدت إلى أن بعض الأكابر حط عليه فبالغ فأمر السلطان بنفيه، فلما حصل بالإسكندرية أغلظ للنائب فأنزلوه في مركب تسير إلى الغرب ورئيسها إفرنجي، فوصل كتاب بالشفاعة فيه، وإعفائه من التغريب، فعوق النائب قراءة الكتاب إلى أن تحقق أن المركب سارت به، فقرأ الكتاب وأعاد الجواب بفوات الأمر؛ ثم لم نطلع له على خبر إلى أن سطرت هذه الأحرف في شعبان سنة سبع وأربعين ثمانمائة، وجزم جماعة بأنه أعدم، ولم يلبث القاضي بعده إلا يسيراً وهلك.
وفي رجب حضر الأستادار من الصعيد وحضر صحبته شيء كثير من الأبقار والأغنام، فجمع الجزارين والقيطامين وغيرهم لمشتراها، فاجتمع جمع كثير في مركب فغرقت بهم، فلم يسلم منهم إلا القليل، وذلك في مبادئ زيادة النيل؛ وكان الطاعون بالشام حتى قيل إن جملة من مات في أيام يسيرة زيادة على خمسين ألفاً، ووقع الطاعون بدمياط فمات عدد كثير من الرقيق والأطفال.
وفي رجب شكا نائب الشام من ابن حجي قاضي الشافعية ونسبه إلى أمور معضلة، فأمر بالكشف عليه. فندب لذلك بعض الجند وصحبته شمس الدين محمد الأنصاري المدعو أبا شامة الدمشقي الذي كان أمين الحكم عنده، فنقم عليه أموراً فعزله، فتوجه إلى القاهرة فأقام بها يغض من ابن حجي ويذكر مساويه عند الأمراء وغيرهم، فلما وقعت هذه الكائنة ذكر بعضهم للسلطان أن أبا شامة يعرف مساوي ابن حجي، فسفره ليكشف عليه،