وفي ربيع الأول أفرج عن يلبغا الناصري من الإسكندرية وأذن له بالإقامة في دمياط.
وفيها قتل خليل بن قراجا بن دلغادر التركماني، فتك به إبراهيم بن يغمر التركماني بمواطأة السلطان وكان قتله خارج مرعش، توجه إليه إبراهيم في جماعة، فلما قرب منه أرسل إليه يعلمه أنه يريد الاجتماع به لإعلامه بأمر له فيه منفعة، فاغتر بذلك ولاقاه فرآه وحده فأمن ونزل عنده فتحدثا طويلاً فخرج جماعة إبراهيم فقتلوه، وركب إبراهيم ومن معه هاربين فاستبطأ أصحاب خليل صاحبهم فوجدوه قتيلاً، فتتبعوا القوم فلم يلحقوهم وذهب دمه هدراً، وكان في ربيع الأول.
وفيها استقر أمر السلطان بتعمير الأغربة وتجهيزها لقتال الفرنج.
وفيها قيل للسلطان أن جماعة أرادوا الثورة عليه، فقيض على تمربغا الحاجب ومعه عشرة مماليك وأمر بتسميرهم وتوسيطهم لكون تمربغا اطلع على أمرهم ولم يعلم السلطان بذلك ثم تتبع السلطان المماليك الأشرفية فشردهم قتلاً ونفياً إلى أن شفع الشيخ خلف في الباقين فقطعت إمرتهم وتركوا بطالين.
وفيها انتهت عمارة السلطان لمدرسته الجديدة بين القصرين في ثالث شهر رجب، وكان الشروع فيها في رجب سنة ست وثمانين، وكان القائم في عمارتها جركس الخليلي وهو يومئذ أمير آخور ومشير الدولة، وقال الشعراء في ذلك كثيراً فمن أحسن ما قيل:
الظاهر الملك السلطان همته ... كادت لرفعتها تسمو على زحل.
وبعض خدامه طوعاً لخدمته ... يدعو الجبال فتأتيه على عجل.
وأخذه ابن العطار فحسنه فقال:
يكفي الخليلي إن جاءت لخدمته ... شم الجبال لها تأتي على عجل.