وثمانية وخرج الناس إلى الصحراء يستسقون بعد صيام ثلاثة أيام فخطب فيهم الحافظ زين الدين العراقي أوائل ربيع الآخر ثم رجعوا فتزايد السعر في القمح وجميع الغلال إلا أن المأكولات كثيرة جداً والبيع والشراء ماش الحال وأعيد البجاسي في هذه الحالة إلى الحسبة.
وفي ربيع الأول منها استقر شمس الدين البيري أخو جمال الدين يوسف الأستادار في قضاء الشافعية بحلب وهي أول نيابة أخيه جمال الدين بالقاهرة وذلك أنه كان عمل أستادارية سودون طاز ثم أستادارية سودون الحمزاوي ثم عمل أستادارية بيبرس ابن عم السلطان في سنة خمس وثمانمائة فظهرت حسن مباشرته وأهل للوظائف الكبار وعين للوزارة فامتنع وأصر على ذلك وصارت له كلمة نافذة وأحبه الناس.
وفي جمادى الآخرة حدث بالقاهرة سعال عقب هبوب ريح جنوبية شديدة البرد كثيرة الرطوبة وفشا السعال ثم الحمى وجاء الشتاء شديداً أزيد من العادة ففشا الموت في أهل المسكنة وكان يموت بالجوع والبرد في كل يوم فوق الألف وقام أهل المروءة بتكفين من يموت منهم مثل سودون المارداني وسعد الدين ابن غراب خارجاً عما يكفن من المارستان ووقف الطرحي فيقال كان عدة من تكفل ابن غراب بمواراته إلى سلخ شوال اثني عشر ألف نفس وسبعمائة نفس.
وفي شوال تزايد هبوب الريح المريسي وكثرت الأمراض ووقع الطاعون والأمراض الحادة وغلت الأدوية حتى بيع القدح من لب القرع بمائة درهم وبيع الرطل الشيرشخت