بالقاهرة: من ظلم فعليه بباب جكم واستبد بأحوال المملكة إلى أن نافره سودون طاز، فثارت بينهما الفتنة في شوال سنة أربع وكان لهم وقعة في أواخر السنة ففر جكم ونوروز، ثم عاد نوروز إلى الطاعة وأحيط بجكم فسجن بالإسكندرية هو وسودون طاز، واتفق أنه هرب إلى شيخ نائب دمشق فأقام عنده إلى أن كانت وقعة يشبك مع الناصر حتى كانت وقعة السعيدية، فلما كان من انهزام الناصر منها وذلك في ذي الحجة سنة سبع انعزل يشبك وأتباعه واختفوا بالقاهرة ورجع شيخ وأتباعه إلى دمشق، وليس لذلك سبب إلا تعاظم جكم وتصريحه بإرادة السلطنة لنفسه فنافسوه في ذلك وخذلوه، ثم اتفق جكم وشيخ وحاربا نوروز وكان الناصر قد جعله نائب الشام، ثم كتب الناصر لجكم بنيابة حلب فدخلها وقتل بها جماعة، فانحرف شيخ عنه لكونه تمالأ مع نوروز عليه، ثم اخذ جكم أنطاكية، ثم واقعه نعير فهزمه وغنم شيئاً كثيراً ثم قتل نعيراً بعد ذلك، ثم ولى الناصر دمرداش نيابة حلب فسار هو وشيخ ومعهم العجل ابن نعير فقاتلهم جكم بالرستن فهزمهم، فرجع شيخ إلى مصر ونوروز إلى دمشق، فسار الناصر إلى قتال جكم ففر إلى البيرة، فدخل الناصر حلب ثم عاد إلى دمشق، فرجع جكم وملك حلب، وأراد الناصر الرجوع إلى حلب فخالفه العساكر وتفرقوا، فقوي جانب جكم وتسمى بالسلطنة وتلقب العادل ورتب المملكة وضرب السكة باسمه وخطب له بحلب، وأطاعه نوروز ولبس خلعته وقبل له الأرض وخطب باسمه، وأقام جكم الحرمة ونشر العدل وعظم المهابة زائداً على الحد وقوي جداً واستخف بأمر الناصر، وخرج لمحاربة التركمان ليستريح خاطره منهم إذا قصد مصر،