بهدية، وجهز له الظاهر هدية ورسولاً وهو برهان الدين الدمياطي فذكر أنه رآه حاسر الرأس عرياناً وعلى جبينه عصابة حمراء وكذا كان سلفهم فلما مات داود أقيم ابنه تدروس فهلك سريعاً فأقيم أخوه إسحاق فسلك سبيل الملوك وتزيا بزي أهل الحضر والسبب فيه أن نصرانياً كان يقال له فخر الدولة حصلت له كائنة بمصر ففر إلى الحبشة فقربه إسحاق فرتب له المملكة وأشار عليه بأن يتزيا بغير زي قومه وجبا الأموال وضبط الأمر ودخل إليه مملوك يقال له الطنبغا فتعلم من عنده صناعة الحرب والرمي بالنشاب واللعب بالرمح ورتب له زردخاناه فصرف فحظي عنده وصار يركب وبيده صليب جوهر كبير إذا قبض عليه برز طرفاه من كبره، وكان شديد البأس على من يجاوره من المسلمين من الجبرت وغيرهم، وكان سعد الدين رأس الجبرت يحاربه، وفي الغالب يكون سعد الدين منه في ضيق، وقتل من المسلمين في تلك الوقائع ما لا يحصى فلم يزل كذلك إلى أن مات إسحاق في ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين، وقام بعده ابنه أندراس، فهلك لأربعة أشهر من موت أبيه فقام من بعده عمه خرساي فهلك في رمضان سنة أربع وثلاثين، فأقيم بعده سلمون بن إسحاق.
وفي غضون ذلك نجا جمال الدين ابن سعد الدين ملك المسلمين ودهم الحبشة وأوقع بهم وصاروا منه في حصر شديد على ما اتصل بنا.
وفيها مات أحمد بن ثقبة بن رميثة بن أبي نمى الحسني المكي أحد أمراء مكة، وكان قد اشترك مع عنان في الولاية الأولى مع كونه مكحولاً لما مات ابن عمه أحمد بن عجلان بن رميثة وأم ولده محمّد.
وفيها قتل جماز بن هبة بن جماز بن منصور الحسيني أمير المدينة وقد كان أخذ حاصل المدينة ونزح عنها فلم يمهل وقتل في حرب جرت بينه وبين أعدائه، وكان يظهر إعزاز أهل السنة ويحبهم بخلاف ثابت بن نعير.