للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النجم: ٣٩، ٤٠] فانتبه من هذه الرقدة، واجعل العمل الصالح لك عدّة، ولا تتمن منازل الأبرار، وأنت مقيم على الأوزار، عامل بعمل الفجار، بل أكثر من الأعمال الصالحات، وراقب الله في الخلوات، رب الأرض والسموات، ولا يغرنّك الأمل، فتزهد عن العمل، أو ما سمعت الرسول حيث يقول، لما جلس على القبور: «يا إخواني، لمثل هذا فأعدوا»، أو ما سمعت الذي خلقك فسواك، يقول: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى﴾ [البقرة: ١٩٧].

وأنشدوا:

تزوّد من معاشك للمعاد … وقم لله واعمل خير زاد

ولا تجمع من الدنيا كثيرا … فإن المال يجمع للنّفاد

أترضى أن تكون رفيق قوم … لهم زاد وأنت بغير زاد؟

وقال آخر:

إذا أنت لم ترحل بزاد من التّقى … ولاقيت بعد الموت من قد تزودا

ندمت على أن لا تكون كمثله … وأنك لم ترصد كما كان أرصدا

وقال آخر:

الموت بحر طافح موجه … تذهب فيه حيلة السابح

يا نفس إني قائل فاسمعي … مقالة من مشفق ناصح

لا ينفع الإنسان في قبره … غير التقى والعمل الصالح

وقال آخر:

أسلمني الأهل ببطن الثرى … وانصرفوا عني فيا وحشتا

وغادروني معدما بائسا … ما بيدي اليوم إلا البكا

وكلّ ما كان كأن لم يكن … وكلّ ما حذرته قد أتى

وذاكم المجموع والمقتنى … قد صار في كفي مثل الهبا

ولم أجد لي مؤنسا هاهنا … غير فجور موبق أو بقا

فلو تراني وترى حالتي … بكيت لي يا صاح مما ترى

وقال آخر:

ولدتك إذ ولدتك أمّك باكيا … والقوم حولك يضحكون سرورا

فاعمل ليوم أن تكون إذا بكوا … في يوم موتك ضاحكا مسرورا

وروي عن محمد القرشي أنه قال: سمعت شيخنا يقول: أيها الناس! إني لكم

<<  <  ج: ص:  >  >>