للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض طيبة، ونسمة طيبة، فلا تمر بباب إلا فتح لها، ولا ملك إلا صلّى عليها ودعا لها، ويشيعها، حتى يأتي بها الرحمن. فيقولون: يا ربنا هذا عبدك توفيته في سبيلك، فيسجد قبل الملائكة، ثم تسجد الملائكة بعد، ثم يطهر ويغفر له، ثم يؤمر فيذهب به إلى الشهداء، فيجدهم في قباب من حرير في رياض خضر عندهم حوت وثور، يظل الحوت يسبح في أنهار الجنة يأكل من كل رائحة في أنهار الجنة، فإذا أمسى وكزه الثور بقرنه فيذكيه فيأكلون لحمه، فيجدون في لحمه طعم كل رائحة ويبيت الثور في أفناء الجنة، فإذا أصبح غدا عليه الحوت فوكزه بذنبه فيذكيه فيأكلون فيجدون في لحمه طعم كل رائحة في الجنة، ثم يعودون وينظرون إلى منازلهم من الجنة، ويدعون الله ﷿ أن تقوم الساعة، فإذا توفي العبد المؤمن بعث الله ﷿ إليه ملكين وأرسل إليه بخرقة من الجنة، فقال: اخرجي أيتها النفس المطمئنة، اخرجي إلى روح وريحان ورب عنك غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح من مسك ما وجدها أحد بأنفه قط، والملائكة على أرجاء السماء يقولون قد جاء من قبل الأرض روح طيبة ونسمة طيبة، فلا تمر بباب إلاّ فتح لها، ولا بملك إلا دعا لها، وصلّى عليها، حتى يؤتى بها الرحمن فتسجد الملائكة ثم يقولون:

هذا عبدك فلان قد توفيته وكان يعبدك لا يشرك بك شيئا، فيقول مروه فليسجد فتسجد النّسمة، ثم يدعى ميكائيل فيقول: اذهب بهذه فاجعلها مع أنفس المؤمنين، حتى أسألك عنها يوم القيامة، ثم يؤمر فيوسع عليه قبره سبعين ذراعا عرضه، وسبعين ذراعا طوله، وينبذ له فيه الرياحين ويستر بالحرير، فإن كان معه شيء من القرآن كفاه نوره، وإن لم يكن معه جعل له في قبره نور مثل نور الشمس، ويكون مثله كمثل العروس ينام فلا يوقظه إلا أحب أهله إليه، قال: فيقوم من نومه كأنه لم يشبع من نومته، وإذا توفي العبد الفاجر أرسل الله إليه ملكين وأرسل بقطعة من نجاد أنتن من كل نتن وأخشن من كل خشن، فيقال: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى حميم وعذاب، ورب عليك غضبان، اخرجي وساء ما قدمت لنفسك، فتخرج كأنتن رائحة وجدها أحد بأنفه قط، وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون: قد جاءت من الأرض روح خبيثة، ونسمة خبيثة، فتغلق دونها أبواب السماء، ولا تصعد إلى السماء، ثم يؤمر فيضيق عليه قبره ويرسل عليه حيات أمثال أعناق البخت، فتأكل لحمه حتى لا تذر على عظمه لحما، ويرسل عليه ملائكة صم عمي يضربونه بفطاطيس من حديد لا يسمعون صوته فيرحموه، ولا يبصرونه فيرحموه، ولا يخطئون حين يضربونه، ويعرض عليه مقعده من النار بكرة وعشيّا يدعو بأن يدوم ذلك ولا يخلص إلى النار».

وخرّج أبو عبد الرحمن النسائي بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «إذا احتضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون: اخرجي راضية مرضيّا عنك إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>