للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقول الله ﷿: وعزّتي وجلالي ليرجع كل روح إلى جسده، فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد، ثم تدخل في الخياشيم، فتمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنكم، وأنا أول من تنشق الأرض عنه، فتخرجون منها شبابا كلكم أبناء ثلاث وثلاثين، واللسان يومئذ بالسريانية سراعا إلى ربهم ينسلون ﴿مُهْطِعِينَ إِلَى الدّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ [القمر: ٨]. ﴿ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ [ق: ٤٢]. ﴿وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾ [الكهف: ٤٧]. فتوقفون في موقف عراة غلفا غرلا، مقدار سبعين عاما، لا ينظر الله إليكم ولا يقضي بينكم، فتبكي الخلائق حتى تنقطع الدموع، ثم تدمع دما ويعرقون حتى تبلغ منهم الأذقان، ويلجمهم فيضجون ويقولون: «من يشفع لنا إلى ربّنا»؟ وساق الحديث بطوله في الشفاعة (١). وسيأتي حديث الشفاعة في «صحيح مسلم» وغيره - إن شاء الله تعالى.

وخرّج الختلي أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم في «كتاب الديباج» له: حدّثني أبو بكر خليفة بن الحارث بن خليفة، حدّثنا محمد بن جعفر المدائني، عن سلام بن مسلم الطويل، عن عبد الحميد، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي في قوله ﷿: ﴿إِذَا السَّماءُ اِنْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ﴾ [الانشقاق: ١، ٢] قال: فقال رسول الله : «أنا أول من تنشقّ عنه الأرض، فأجلس جالسا في قبري، فيفتح لي باب إلى السماء بحيال رأسي، حتى أنظر إلى العرش، ثم يفتح لي باب من تحتي حتى أنظر إلى الأرض السابعة، حتى أنظر إلى الثرى، ثم يفتح لي باب عن يميني حتى أنظر إلى الجنة ومنازل أصحابي، وإن الأرض تحركت تحتي فقلت: ما بالك أيتها الأرض؟ قالت:

إن ربي أمرني أن ألقي ما في جوفي، وأن أتخلى فأكون كما كنت إذ لا شيء فيّ فذلك قوله ﷿: ﴿وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ» [الانشقاق: ٤، ٥] أي: سمعت وأطاعت وحق لها أن تسمع وتطيع ﴿يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ﴾ [الانفطار: ٦] قال رسول الله : «أنا ذلك الإنسان» (٢).

وروي في تفسير قوله تعالى: ﴿يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾ [الفجر: ٢٧، ٢٨] إن هذا خطاب للأرواح بأن ترجع إلى أجسادها ﴿إِلى رَبِّكِ﴾ أي صاحبك، كما تقول: ربّ الغلام، وربّ الدار، وربّ الدابة، أي: صاحب الغلام، وصاحب الدار، وصاحب الدابة، ﴿فَادْخُلِي فِي عِبادِي﴾ [الفجر: ٢٩] أي: في أجسادهم من مناخرهم، كما ورد في الخبر المتقدم.


(١) وهو حديث لا يصح من هذا الوجه.
(٢) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>