مؤمل بن إسماعيل، قال سفيان - يعني الثوري - عجب الذّنب قال:«فيرسل الله ماء من تحت العرش منيّا كمنيّ الرجال، فتنبت جثمانهم ولحمانهم كما تنبت الأرض من الثرى». ثم قرأ عبد الله: ﴿وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ﴾ [فاطر: ٩]. قال:«ثم يقوم ملك الصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فتنطلق كلّ نفس إلى جسدها حتى تدخل فيه، ثم يقومون فيجيبون إجابة رجل واحد قياما لرب العالمين». وقال ابن المبارك ومؤمل:«ثم يقومون فيحيون تحية واحدة»(١).
وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدّثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن عبد الله بن مسعود قال:«فيقومون فيحيون تحية رجل واحد قياما لرب العالمين».
قوله:«فيحيون» التحية تكون في حالين: أحدهما: أن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم، وهذا هو المعنى الذي في هذا الحديث؛ ألا تراه يقول:«قياما لربّ العالمين». والوجه الآخر: أن ينكبّ على وجهه باركا، وهذا هو الوجه المعروف عند الناس، وقد حمله بعض الناس على قوله: فيخرون سجدا لرب العالمين، فجعل السجود هو التحية، وهذا هو الذي يعرفه الناس من التحية.
وروي عن علي بن معبد أيضا عن أبي هريرة قال: حدّثنا رسول الله ﷺ، ونحن في طائفة من أصحابه، وساق الحديث بطوله إلى قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: ﴿لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] ثم ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ﴾ [إبراهيم: ٤٨] فيبسطها بسطا ثم يمدها مد الأديم العكاظي ﴿لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً﴾ [طه: ١٠٧] ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة، فإذا هم في هذه الأرض المبدلة في مثل ما كانوا فيه من الأولى، من كان في بطنها كان في بطنها، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها، ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش، يقال له:
ماء الحياة، فتمطر السماء عليكم أربعين سنة، حتى يكون الماء من فوقكم اثني عشر ذراعا. ثم يأمر الله ﷿ الأجساد فتنبت كنبات الطراثيث، وكنبات البقل، حتى إذا تكاملت أجسادكم فكانت كما كانت يقول الله ﷿: ليحيا حملة العرش فيحيون، ثم يقول: ليحيا جبريل وميكائيل وإسرافيل، فيأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور، ثم يدعو الله تعالى الأرواح فيؤتى بها، تتوهج أرواح المسلمين نورا والأخرى مظلمة، فيأخذها الله فيلقيها في الصور، ثم يقول لإسرافيل: انفخ نفخة البعث، فينفخ فتخرج الأرواح كأمثال النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض،