للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: يوم الشفاعة؛ قال الله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] وقال تعالى: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى﴾ [الأنبياء: ٢٨] وقال:

﴿وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: ٢٣] وقال: ﴿فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٠] وسيأتي بيانه.

ومنها: يوم العرق؛ وسيأتي بيانه في أحاديث في الباب بعد هذا بحول الله وقوته.

ومنها: يوم القلق والجولان؛ وهو عبارة عن عدم الاستقرار والثبوت، يقال:

قلق الرجل يقلق قلقا؛ إذا لم يستقر. ومثله: جال يجول، إذا لم يثبت.

ومنها: يوم الفرار، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾ [عبس: ٣٤ - ٣٦] فيفر كل واحد من صاحبه، حذرا من مطالبته إياه، إما لما بينهم من التبعات أو لئلا يروا ما هو فيه من الشدة. وقال عبد الله بن طاهر الأبهري: يفر منهم لما يتبين له من عجزهم وقلة حيلتهم، إلى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه، ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئا سوى ربه تعالى.

وقال الحسن: أول من يفر يوم القيامة من أبيه إبراهيم، وأول من يفر من ابنه نوح، وأول من يفر من امرأته لوط، قال: فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم. وهذا فرار النبيين، نجانا الله من أهوال هذا اليوم بحق محمد نبي الرحمة (١) وصحبه الكرام البررة، وجعلنا ممن حشر في زمرتهم، ولا خالف بنا عن طريقهم ومذهبهم بمنه وكرمه آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

قال المؤلف: وقد سرد تسمية هذه الأيام على التوالي من غير تفسير؛ غير واحد من العلماء، منهم ابن نجاح في «سبل الخيرات»، وأبو حامد الغزالي في غير موضع من كتبه كالإحياء وغيره، والقتبي في كتاب «عيون الأخبار»، وهذا تفسيرها حسب ما ذكره القاضي أبو بكر بن العربي في «سراج المريدين»، وربما زدنا عليه في ذلك، والحمد لله على ذلك. ولا يمتنع أن تسمّى بأسماء غير ما ذكرنا، بحسب الأحوال الكائنة فيه من الازدحام والتضايق، واختلاف الأقدام والخزي والهوان، والذل والافتقار والصغار والانكسار، ويوم الميقات والمرصاد، إلى غير ذلك من الأسماء وسيأتي التنبيه على ذلك - إن شاء الله تعالى - في الباب بعد هذا.

***


(١) تقدّم الكلام على مثل هذا الكلام، وبيان أنه لا يشرع السؤال بهذه الصيغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>