للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففاض العرق منهم على وجه الأرض، ثم على أقدامهم، ثم على قدر مراتبهم ومنازلهم عند ربهم، من السعادة والشقاء، فمنهم من يبلغ العرق منكبيه وحقويه، ومنهم إلى شحمة أذنيه، ومنهم من قد ألجمه العرق فكاد أن يغيب فيه».

قلت: ذكر المحاسبي وغيره أن انفطار السماء وانشقاقها بعد جمع الناس في الموقف، وقد قدمنا أن ذلك يكون قبل ذلك، وهو ظاهر القرآن كما ذكرنا، والله أعلم. وقد جاء ذلك مرفوعا في حديث أبي هريرة وقد تقدم.

وما ذكره المحاسبي مروي عن ابن عباس قال: «إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها، كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد جهنّم وإنسهم، فإذا كان ذلك قبضت هذه السماء عن أهلها فينتشرون على وجه الأرض فلأهل السماء أكثر من أهل جميع الأرض، جهنّم وإنسهم بالضعف». الحديث بطوله ذكره ابن المبارك في رقائقه. قال: أخبرنا عوف، عن أبي المنهال سيار بن سلامة الرياحي قال: أخبرنا شهر بن حوشب قال: حدّثني ابن عباس فذكره (١).

قال ابن المبارك: وأخبرني جويبر، عن الضحاك قال: «إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى السماء الدنيا فتشققت بأهلها فتكون الملائكة على حافاتها حتى يأمر الرب فينزلون إلى الأرض فيحيطون بالأرض، ومن فيها ثم يأمر السماء التي تليها، فينزلون فيكونون صفّا خلف ذلك الصف، ثم السماء الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة، فينزل الملك الأعلى في بهائه وجلاله وملكه وبجنبته اليسرى جهنم، فيسمعون زفيرها وشهيقها فلا يأتون قطرا من أقطارها إلا وجدوا صفوفا قياما من الملائكة فذلك قوله تعالى: ﴿يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اِسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣] والسلطان العذر، وذلك قوله ﷿: ﴿وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢] وقال: ﴿وَاِنْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها﴾ [الحاقة: ١٦، ١٧] يعني: على حافاتها. يعني: بأرجائها ما تشقق منها، فبينا هم كذلك؛ إذ سمعوا الصوت فأقبلوا إلى الحساب» (٢).

قلت ولا يصح إسنادهما فإن شهرا وجويبرا قد تكلّم فيهما وضعّفوهما، قال البخاري في «التاريخ»: «جويبر بن سعيد البلخي عن الضحّاك، قال لي علي: قال يحيى: كنت أعرف جويبرا بحديثين ثم أخرج هذه الأحاديث بعد، فضعّفه» (٣).


(١) وقد تقدّم.
(٢) أخرجه نعيم بن حماد في زوائد «الزهد» (٣٥٤)، وإسناده ضعيف.
(٣) «التاريخ الكبير» (٢٥٧/ ٢٣٨٣/٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>