للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما شهر؛ فقال مسلم في صدر كتابه: «سئل ابن عوف عن حديث شهر، وهو قائم على أسكفة الباب فقال: إن شهرا تركوه، إن شهرا تركوه، قال مسلم: يقول أخذته ألسنة الناس تكلموا فيه، وقال عن شعبة وقد لقيت شهرا، فلم أعتد به».

وذكر أبو حامد في كتاب «كشف علوم الآخرة» نحوا مما ذكر المحاسبي عن ابن عباس والضحاك، فقال: «إن الخلائق إذا اجتمعوا في صعيد واحد، الأولين والآخرين؛ أمر الجليل بملائكة سماء الدنيا أن يتولوهم، فيأخذ كل واحد منهم إنسانا وشخصا من المبعوثين إنسا وجنّا ووحشا وطيرا، وحولهم إلى الأرض الثانية وهي أرض بيضاء من فضة نورية، وصارت الملائكة من وراء العالمين حلقة واحدة، فإذا هم أكثر من أهل الأرض بعشر مرات، ثم إن الله يأمر ملائكة السماء الثانية فيحدقون بهم حلقة واحدة، فإذا هم مثلهم عشرين مرة، ثم تنزل ملائكة السماء الثالثة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة فإذا هم أكثر منهم ثلاثين ضعفا، ثم تنزل ملائكة السماء الرابعة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة أكثر منهم بأربعين ضعفا، ثم تنزل ملائكة السماء الخامسة فيحدقون من ورائهم حلقة واحدة فيكونون مثلهم خمسين مرة ثم تنزل ملائكة السماء السادسة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة، وهم مثلهم ستين مرة، ثم تنزل ملائكة السماء السابعة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة وهم مثلهم سبعين مرة، والخلق تتداخل وتندمج حتى يعلو القدم ألف قدم لشدة الزحام، وتخوض الناس في العرق على أنواع مختلفة إلى الأذقان، وإلى الصدر، وإلى الحقوين، وإلى الركبتين، ومنهم من يصيبه الرشح اليسير كالقاعد في الحمام، ومنهم من تصيبه البلة كالعاطش إذا شرب الماء، وكيف لا يكون القلق والعرق والأرق وقد قربت الشمس من رؤوسهم؟ حتى لو مد أحدهم يده لنالها ويضاعف حرها سبعين مرة، وقال بعض السلف: لو طلعت الشمس على الأرض كهيئتها يوم القيامة لأحرقت الأرض، وذابت الصخر وجفّت الأنهار، فبينما الخلائق يموجون في تلك الأرض البيضاء التي ذكرها الله تعالى حيث يقول: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ وهم على أنواع في المحشر على ما تقدم في حديث معاذ، والملوك كالذر، كما قد ورد في الخبر في وصف المتكبرين، وليس هم كهيئة الذر، غير أن الأقدام عليهم حتى صاروا كالذر في مذلتهم وانخفاضهم، وقوما يشربون ماء باردا عذبا صافيا لأن الصبيان يطوفون على آبائهم بكئوس من أنهار الجنة يسقونهم.

وعن بعض السلف؛ أنه نام فرأى القيامة قد قامت وكأنه في الموقف عطشان، وصبيان صغار يسقون الناس، قال: فناديتهم؛ ناولوني شربة. فقال لي واحد منهم: ألك فينا ولد؟ فقلت: لا. فقال: فلا إذا، ولهذا فضل التزويج.

ولهذا الولد الساقي شروط ذكرناها في «الإحياء».

<<  <  ج: ص:  >  >>