للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما نظروا من حيث هم، ومن حيث العقل البشري، ولم ينظروا الحياة الفلكية من حيث هي؛ فغابوا عن الحضور وجمدوا على القصور ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور: ٤٠].

قلت: هذا كله صحيح لحديث أبي سعيد الخدري المذكور، وهو صحيح.

وكذلك حديث أبي هريرة في شهادة الأرض بما عمل عليها، وهو صحيح. وكذلك حديث أبي سعيد الخدري في شهادة المال؛ صحيح، وسيأتي.

وقد روى ليث بن سليم، عن عبد الرحمن بن مروان، عن الهذيل، عن أبي ذر عن النبي أنه مر بشاتين تنتطحان فقال: «إن الله تعالى ليقضينّ يوم القيامة لهذه الجلحاء من هذه القرناء» (١).

وذكر ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة، أن أبا سالم الجيشاني حدثه؛ أن ثابت بن طريف استأذن على أبي ذر فسمعه رافعا صوته يقول: أما والله لولا يوم الخصومة لسؤتك، قال ثابت: فدخلت، فقلت: ما شأنك يا أبا ذر؟ قال: هذه. قلت: وما عليك إن رأيتك تضربها؟ قال: والذي نفسي بيده أو نفس محمد بيده لتسألن الشاة فيما نطحت صاحبتها، وليسألن الجماد فيما نكب إصبع الرجل (٢).

وروى عن شعبة، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال: رأى رسول الله شاتين تنتطحان فقال: يا أبا ذر! أتدري فيم تنتطحان؟ قلت: لا يا رسول الله. قال: «لكن الله يدري، ويقضي بينهما يوم القيامة». أخرجه أبو داود الطيالسي؛ فقال: حدّثنا شعبة قال: أخبرني الأعمش قال: سمعت منذر الثوري يحدث عن أصحاب له عن أبي ذر بلفظه ومعناه.

وقال عمرو بن العاص : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وحشر الناس والدواب والوحوش، فإذا كان ذلك اليوم جعل الله القصاص بين الدواب حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء تنطحها، فإذا فرغ الله من القصاص بين الدواب، قال لها: كوني ترابا، فيراها الكافر فيقول: «يا ليتني كنت ترابا».

وذكر عبد الكريم الإمام أبو القاسم القشيري في «التحبير» له، فقال: وفي خبر الوحوش والبهائم ثم تحشر يوم القيامة، فتسجد لله سجدة، فتقول الملائكة:


(١) أخرجه أحمد (٥/ ١٦٢) بإسناد ضعيف، لكن للحديث طرق وشواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن. منها حديث أبي هريرة المتقدم أول الباب.
(٢) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>