للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى النسائي عن أبي هريرة عن النبي قال: «أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته، فإن وجدت تامة كتبت تامة، وإن كان انتقص منها شيئا قال: انظروا هل تجدون له من تطوع يكمل له ما ضيع من فريضته من تطوعه، ثم سائر الأعمال تجري على ذلك»، وهذا نص. وقال عمر : ومن يضيعها فهو لما سواها أضيع.

قلت: ولا اعتبار بقول من قال: إن الواجب من أركان الصلاة ومن الفصل بين أركانها أقل ما ينطلق عليه الاسم وهو أبو حنيفة، وأشار إلى ذلك القاضي عبد الوهاب في «تلقينه»، وهو يروي عن ابن القاسم، لأن من اقتصر على ذلك صدق عليه أنه نقر الصلاة فدخل في الذم المترتب على ذلك بقوله : «تلك صلاة المنافقين يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا» (١). رواه مالك في «موطئه» ومسلم في «صحيحه». والأحاديث الثابتة تقتضي بفساد صلاته كما بيناه، مع قوله : «أما الركوع فعظّموا فيه الربّ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم» (٢) خرجه مسلم.

وفي موطأ مالك عن يحيى، عن سعيد، عن النعمان بن مرة الأنصاري أن رسول الله قال: «ما ترون في الشارب والسارق والزاني قال: وذلك قبل أن ينزل فيهم، قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هن فواحش وفيهن عقوبة، وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته. قالوا: يا رسول الله وكيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها» (٣).

وروى أبو داود الطيالسي في مسنده قال: حدثنا محمد بن مسلم بن أبي الوضاح، عن الأحوص بن حكيم، عن خالد بن معدان، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله : «إذا أحسن الرجل الصلاة فأتم ركوعها وسجودها، قالت الصلاة: حفظك الله كما حفظتني فترفع، وإذا أساء الصلاة فلم يتم ركوعها ولا سجودها قالت الصلاة: ضيعك الله كما ضيعتني، فتلفّ كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجهه» (٤).

فمن لم يحافظ على أوقات الصلاة لم يحافظ على الصلاة كما أن من لم


(١) أخرجه مالك (١/ ١٤٦) ومسلم (٦٢٢).
(٢) أخرجه مسلم (٤٧٩).
(٣) أخرجه مالك (١٠٨/ ٧٢/١) -٩ - كتاب قصر الصلاة في السفر. وهو مرسل صحيح؛ انظر «المشكاة» (٢٧٩/ ٨٨٦/١).
(٤) أخرجه الطيالسي (٥٨٥) بإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>