للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقول: محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ، فذلك قوله: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾ (١).

أخرجه ابن المبارك في رقائقه مرسلا بأطول من هذا فقال: أخبرني رشدين بن سعد قال: أخبرني ابن أنعم المغافري، عن حبان بن أبي جبلة قال:

قال رسول الله : «إذا جمع الله عباده يوم القيامة كان أول من يدعى إسرافيل ، فيقول له ربّه ما فعلت في عهدي هل بلغت عهدي؟ فيقول: نعم قد بلغت جبريل. فيدعى جبريل فيقول: هل بلغك إسرافيل عهدي؟ فيقول: نعم يا رب قد بلغني، فيخلى عن إسرافيل، ويقال لجبريل هل بلغت عهدي؟ فيقول جبريل: نعم قد بلغت الرسل. فيدعى الرسل فيقول: هل بلغكم جبريل عهدي؟ فيقولون: نعم. فيخلى عن جبريل ثم يقال للرسل: هل بلغتم عهدي؟ فيقولون: قد بلغنا أممنا. فتدعى الأمم فيقال لهم هل بلغكم الرسل عهدي؟ فمنهم المصدق ومنهم المكذب فتقول الرسل: إن لنا عليهم شهودا يشهدون أن قد بلغنا مع شهادتك فيقول: من يشهد لكم؟ فيقولون: محمد وأمته. فتدعى أمة محمد فيقولون: تشهدون أن رسلي هؤلاء قد بلغوا عهدي إلى من أرسلوا إليه؟ فيقولون: نعم، رب شهدنا أن قد بلغوا. فتقول تلك الأمم: كيف يشهد علينا من لم يدركنا؟ فيقول لهم الربّ: كيف تشهدون على من لم تدركوا؟ فيقولون: ربنا بعثت إلينا رسولا، وأنزلت إلينا عهدك وكتابك، وقصصت علينا إنهم قد بلغوا فشهدنا بما عهدت إلينا، فيقول الربّ: صدقوا. فذلك قوله ﷿: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾، والوسط العدل ﴿لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾. قال ابن أنعم فبلغني أنه يشهد يومئذ أمة محمد إلا من كان في قلبه حنة على أخيه» (٢).

قلت: وذكر هذا الخبر أبو محمد في كتاب العاقبة له، فذكر بعد قوله والوسط العدل: «ثم يدعى غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين ثم ينادى كل إنسان باسمه واحدا واحدا، وتعرض أعمالهم على ربّ العزة قليلها وكثيرها حسنها وقبيحها».

قال المؤلف: وذكر أبو حامد في كتاب «كشف علوم الآخرة» أن هذا يكون بعد ما يحكم الله تعالى بين البهائم ويقتص للجمّاء من القرناء، ويفصل بين الوحش والطير، ثم يقول لهم: كونوا ترابا، فتسوى بهم الأرض وحينئذ ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الْأَرْضُ﴾ [النساء: ٤٢] ويتمنى الكافر فيقول: يا ليتني كنت


(١) أخرجه البخاري (٣٣٣٩).
(٢) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١٥٩٨) بإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>