ترابا. ثم يخرج النداء من قبل الله تعالى: أين اللوح المحفوظ؟ فيؤتى به له هرج عظيم، فيقول الله تعالى: أين ما سطرت فيك من توراة وزبور وإنجيل وفرقان؟ فيقول يا رب نقله مني الروح الأمين. فيؤتى به يرعد وتصطك ركبتاه، فيقول الله تعالى: يا جبريل هذا اللوح المحفوظ يزعم أنك نقلت منه كلامي ووحيي أصدق؟ قال: نعم يا رب. قال: فما فعلت فيه؟ قال: أنهيت التوراة إلى موسى، وأنهيت الزبور إلى داود وأنهيت الإنجيل إلى عيسى، وأنهيت الفرقان إلى محمد ﵈، وأنهيت إلى كلّ رسول رسالته وإلى أهل الصحف صحائفهم. فإذا بالنداء يا نوح فيؤتى به يرعد وتصطك فرائصه، فيقول: يا نوح زعم جبريل أنك من المرسلين. قال: صدق. فقيل له: ما فعلت مع قومك؟ قال: دعوتهم ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا. فإذا بالنداء: يا قوم نوح، فيؤتى بهم زمرة واحدة فيقال هذا أخوكم نوح يزعم أنه بلغكم الرسالة فيقولون: يا ربنا كذب، ما بلغنا من شيء! وينكرون الرسالة. فيقول الله: يا نوح ألك بينة؟ فيقول: نعم يا رب؛ بينتي عليهم محمد وأمته. فيقولون: كيف ونحن أول الأمم، وهم آخر الأمم؟ فيؤتى بالنبي ﷺ فيقول: يا محمد؛ هذا نوح يستشهد فيشهد له بتبليغ الرسالة فيقرأ ﷺ: ﴿إِنّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ﴾ [نوح: ١] إلى آخر السورة فيقول الجليل ﷻ: قد وجب عليكم الحق، وحقت كلمة العذاب على الكافرين، فيؤمر بهم زمرة واحدة إلى النار من غير وزن عمل ولا حساب، ثم ينادى أين هود فيفعل قوم هود مع هود كما فعل قوم نوح مع نوح، فيستشهد عليهم بالنبي ﷺ وخيار أمته فيتلو: ﴿كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٢٣] فيؤمر بهم إلى النار مثل أمة نوح، ثم ينادي: يا صالح ويا ثمود فيأتون فيستشهد صالح عندما ينكرون فيتلو النبي ﷺ: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٤١] إلى آخر القصة، فيفعل بهم مثلهم ولا يزال يخرج أمة بعد أمة قد أخبر عنهم القرآن بيانا وذكرهم فيه إشارة كقوله تعالى: ﴿وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً﴾ [الفرقان: ٣٨] وقوله: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً﴾ [المؤمنون: ٤٤] وقوله:
﴿وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ﴾ [إبراهيم: ٩] وفي ذلك تنبيه على أولئك القرون الطاغية كقوم تارخ وتارح ودوحا وأسرا وما أشبه ذلك، حتى ينتهي النداء إلى أصحاب الرّسّ وقوم إبراهيم وفي كل ذلك لا يرفع لهم ميزان ولا يوضع لهم حساب، وهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، والترجمان يكلمهم لأن الرب تعالى من نظر إليه وكلمه لم يعذبه. ثم ينادى بموسى بن عمران فيأتي وهو كأنه ورقة في ريح عاصف اصفر لونه واصطكت ركبتاه فيقول له: يا ابن عمران جبريل يزعم أنه بلغك الرسالة والتوراة فتشهد له بالبلاغ؟ قال: نعم. قال: فارجع