للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقسم رحمة واحدة منها على جميع الخلائق، فمنها يتعاطفون فإذا كان يوم القيامة رد هذه الرحمة على التسعة والتسعين فأكملها مائة يرحم الله بها عباده يوم القيامة حتى إن إبليس ليتطاول لها رجاء أن ينال منها شيئا».

وقال ابن مسعود: لن تزال الرحمة بالناس حتى إن إبليس ليهتز صدره يوم القيامة مما يرى من رحمة الله تعالى وشفاعة الشافعين.

وقال الأصمعي: كان رجل يحدث بأهوال يوم القيامة وأعرابي جالس يسمع، فقال: يا هذا من يلي هذا من العباد؟ قال: الله، فقال الأعرابي: إن الكريم إذا قدر عفا وغفر.

وروى ابن ماجه عن أنس بن مالك أن رسول الله قرأ هذه الآية: ﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [المدثر: ٥٦] قال: فقال الله تعالى: أنا أهل أن أتّقى فلا يجعل معي إله آخر، فمن اتقى ألاّ يجعل معي إلها آخر، فأنا أهل أن أغفر له (١). وخرّجه أبو عيسى الترمذي بمعناه، وقال: حديث حسن غريب (٢).

وروي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله : «والذي نفسي بيده لله أرحم بعبده من الوالدة الشفيقة بولدها» (٣).

وروى مسلم عن عمر بن الخطاب أنه قال: «قدم على رسول الله بسبي، وإذا بامرأة من السبي تبتغي ولدا لها؛ إذ وجدت صبيا في السبي فأخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله : أترون هذه المرأة طارحة ولدها؟ قلنا:

لا والله، وهي قادرة على أن تطرحه. فقال رسول الله : لله أرحم بعباده من هذه بولدها» (٤) أخرجه البخاري أيضا.

وقال أبو غالب: كنت أختلف إلى أبي أمامة بالشام، فدخلت يوما على فتى مريض من جيران أبي أمامة وعنده عم له وهو يقول له: يا عدو الله ألم آمرك؟ ألم أنهك؟ فقال الصبي: يا عماه لو أن الله تعالى دفعني إلى والدتي كيف كانت صانعة بي؟ قال: كانت تدخلك الجنة، قال: إن ربي الله أشفق من والدتي وأرحم بي منها. وقبض الفتى من ساعته، فلما جهزه عمه وصلى عليه، وأراد أن يضعه في لحده فدخلت القبر مع عمه فلما سوّاه صاح وفزع فقلت له: ما شأنك؟ قال: فسح له في قبره وملئ نورا، فدهشت منه.


(١) أخرجه ابن ماجه (٤٢٩٩) بإسناد ضعيف.
(٢) أخرجه الترمذي (٣٣٢٨) بإسناد ضعيف أيضا.
(٣) أخرجه البخاري (٥٩٩٩) ومسلم (٢٧٥٤).
(٤) انظر ما قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>