للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: ﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ أي: ومن أمامهما ومن قبلهما، وإلى هذا القول ذهب أبو عبد الله محمد الترمذي الحكيم في: «نوادر الأصول» وقال: ومعنى ﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ أي: دون هاتين إلى العرش أي: أقرب وأدنى إلى العرش.

وقال مقاتل: الجنتان الأوليان؛ جنة عدن وجنة النعيم، والأخريان جنة الفردوس وجنة المأوى.

قال المؤلف : ويدل على هذا قوله : «إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس» (١)، الحديث، وسيأتي.

قال الترمذي: وقوله: ﴿فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ﴾ أي: بألوان الفواكه والنعيم والجواري المزينات، والدواب المسرجات، والثياب الملونات، وهذا يدل على أن النضخ أكثر من الجري.

قال المؤلف : على هذا تدل أقوال المفسرين؛ روي عن ابن عباس نضاختان: أي فوارتان بالماء، والنضخ بالخاء أكثر من النضح بالحاء. وعنه أيضا:

أن المعنى نضاختان بالخير والبركة، قاله الحسن ومجاهد. وعن ابن عباس أيضا وابن مسعود: تنضخ على أولياء الله بالمسك والكافور والعنبر في دور أهل الجنة، كما ينضخ رش المطر. وقال سعيد بن جبير: بأنواع الفواكه والماء.

وقوله: ﴿فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ﴾ قال بعض العلماء: ليس الرمان والنخل من الفاكهة، لأن الشيء لا يعطف على نفسه، وهذا ظاهر الكلام، وقال الجمهور:

هما من الفواكه، وإنما أعاد ذكر النخل والرمان لفضلهما على الفواكه، كقوله تعالى: ﴿حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى﴾ [البقرة: ٢٣٨] وقوله: ﴿مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ﴾ [البقرة: ٩٨]. وقيل: إنما كررهما لأن النخل والرمان كانا عندهم في ذلك الوقت بمنزلة البر عندنا، لأن النخل عامة قوتهم، والرمان كالثمرات، فكان يكثر غرسها عندهم لحاجتهم إليها، وكانت الفواكه عندهم من ألوان الثمار التي يعجبون بها، وإنما ذكر الفواكه ثم ذكر النخل والرمان لعمومهما وكثرتهما عندهم بالمدينة إلى مكة إلى ما والاهما من بلاد اليمن، فأخرجهما في الذكر من الفواكه وأفرد الفواكه على حدتها.

وقوله: ﴿فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ﴾ يعني: النساء، والواحدة خيرة، قال الترمذي:

الخيرة ما اختارهن الله فأبدع خلقهن باختياره، واختيار الله لا يشبه اختيار الآدميين، ثم قال: ﴿حِسانٌ﴾ فوصفهن بالحسن، فإذا وصف خالق الشيء شيئا بالحسن، فمن


(١) جزء من حديث أخرجه البخاري (٢٧٩٠، ٧٤٢٣) وغيره، وسيأتي بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>