للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخر:

وقائلة تخضّب فالغواني … نوافر عن معاينة النذير

وللقاضي منذر بن سعيد البلوطي (١) رحمة الله تعالى عليه:

كم تصابى وقد علاك المشيب … وتعامى جهلا وأنت اللبيب

كيف تلهو وقد أتاك نذير … وشباك الحمام منك قريب

يا مقيما قد حان منه رحيل … بعد ذاك الرحيل يوم عصيب

إن للموت سكرة فارتقبها … لا يداويك إذا أتتك طبيب

ثم تثوى حتى تصير رهينا … ثم يأتيك دعوة فتجيب

بأمور المعاد أنت عليم … فاعملن جاهدا لها يا أريب

وتذكّر يوما تحاسب فيه … إن من يذكر الممات ينيب

ليس في ساعة من الدهر إلا … للمنايا عليك فيها رقيب

كلّ يوم ترميك منها بسهم … إن تخطي يوما فسوف يصيب

وله أيضا :

ثلاث وستون قد جزتها … فماذا تؤمّل أو تنتظر

وحل عليك نذير المشيب … فما ترعوي أو فما تزدجر

تمرّ لياليك مرّا حثيثا … وأنت على ما أرى مستمر

فلو كنت تعقل ما ينقضي … من العمر لاعتضت خيرا بشر

فما لك - ويحك - لا تستعد إذن … لدار المقام ودار المقر

أترغب عن فجأة للمنون … وتعلم أن ليس منها وزر

فإما إلى جنة أزلفت … وإما إلى سقر تستعر

وقيل: النذير الحمّى، ومنه قوله : «الحمى نذير الموت» (٢). أي: رائد الموت.


(١) هو: منذر بن سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن النّفزي القرطبي؛ أبو الحكم البلّوطي الأندلسي، قاض من قضاة الأندلس، كان فقيها محقّقا، وخطيبا بليغا مفوّها. ولد سنة (٢٧٣) وتوفي سنة (٣٥٥).
انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ١٧٣) و «البداية والنهاية» (١١/ ٢٨٨ - ٢٨٩) و «نفح الطيب» (١/ ٣٧٢) وغيرها.
(٢) لم أجده بهذا اللفظ، لكن أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٦/ ١٦١) وابن قانع في «معجم الصحابة» (١٠ /رقم: ١١٢٧) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٥/ ٢٤٨) من طريق: أبي عاصم العباداني، عبد الله بن عبيد الله، نا المحبر بن هارون، عن أبي يزيد المدني، عن -

<<  <  ج: ص:  >  >>