للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأزهري معناه: أن الحمى رسول الموت، أي: كأنها تشعر بقدومه وتنذر بمجيئه. وقيل: موت الأهل والأقارب والأصحاب والإخوان، وذلك إنذار الرحيل في كل وقت وأوان وحين وزمان.

قال الشاعر:

وأراك تحملهم ولست تردّهم … وكأنني بك قد حملت فلم ترد

وللفقيه أبي عبد الله محمد بن أبي زمنين (١) رحمه الله تعالى آمين:

الموت في كلّ حين يطلب الكفنا … ونحن في غفلة عما يراد بنا

لا تطمئن إلى الدنيا وبهجتها … وإن توشحت من أثوابها الحسنا

أين الأحبّة والجيران ما فعلوا … أين الذين همو كانوا لنا سكنا

سقاهم الموت كأسا غير صافية … فصيّرتهم لأطباق الثرى رهنا

وروي أن ملك الموت دخل على داود فقال: من أنت؟ فقال:

من لا يهاب الملوك، ولا تمنع منه القصور، ولا يقبل الرّشا، قال: فإذا أنت ملك الموت. قال: نعم. قال: أتيتني ولم أستعد بعد؟ قال: يا داود أين فلان قريبك؟ أين فلان جارك؟ قال: مات، قال: أما كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد (٢).


= عبد الرحمن بن المرقّع، فذكره مطوّلا، وفيه قصته؛ بلفظ: «الحمى رائد الموت».
وإسناده ضعيف؛ قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٥/ ٩٥) «رواه الطبراني، وفيه المحبر بن هارون، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات».
قلت: عبد الله بن عبيد الله؛ أبو عاصم، كان يخطئ كما في «ثقات» ابن حبان (٧/ ٤٦).
وأبو يزيد المدني؛ قال عنه الحافظ: «مقبول»، يعني عند المتابعة، وإلا فهو ليّن.
والمحبر بن هارون؛ ترجمه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (٨/ ٤١٩) وابن حبان في «الثقات» (٧/ ٥٢٦) وقالا: «يروي عن أبي يزيد المدني، روى عنه أبو عاصم العباداني».
فهو على هذا مجهول الحال، والله أعلم.
والحديث عزاه المناوي والهندي لابن السني وأبي نعيم في «الطب» وابن أبي الدنيا في «الكفارات» من حديث أنس.
وضعفه الحافظ السيوطي في «الحاوي للفتاوى» (١/ ٥٧٥) والألباني في «ضعيف الجامع» (٢٧٩٨).
(١) هو: محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد بن إبراهيم بن أبي زمنين المرّي الإلبيري؛ أبو عبد الله القرطبي.
من كبار علماء الأندلس وفقهائها، ولد سنة (٣٢٤) وتوفي سنة (٣٩٩).
انظر ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» (١٧/ ١٨٨) و «ترتيب المدارك» (٤/ ٦٧٢) ومقدمة الشيخ عبد الله بن محمد البخاري على «أصول السنة» ط. مكتبة الغرباء الأثرية، ومقدمة كتاب «منتخب الأحكام» لابن أبي زمنين، بتحقيق: عبد الله بن عطية الغامدي، ط. المكتبة المكية ومؤسسة الريان.
(٢) مثل هذا الأخبار - وخاصة ما يتعلّق بأنبياء الله ورسله - يحتاج إلى إثباتها صحّة السند إلى قائليها، فليس كل ما يروى ويذكر يؤخذ، حتى يعلم صحته من ضعفه. والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>