المكرم، فقال: ما حاجتك؟ قلت: العفو، فدعا دعاء خفيفا، فأمّنت، ثم مال على جدار القبر، فإذا هو ميت فتنحّيت عنه، حتى فطن الناس له. وجاء أولاده ومواليه فاحتملوه وجهّزوه، وصليت عليه فيمن صلّى.
ويقال: إن ملكا من ملوك اليونان، استعمل على ملبسه أمة أدّبها بعض الحكماء، فألبسته يوما ثيابه وأرته المرآة، فرأى في وجهه شعرة بيضاء، فاستدعى بالمقراض وقصّها، فأخذتها الأمة فقبلتها ووضعتها على كفها، وأصغت بأذنها إليها، فقال لها الملك: إلى أيّ شيء تصغين؟ فقالت: إني أسمع هذه المبتلاة بفقد كرامة قرب الملك تقول قولا عجيبا، قال: ما هو؟ قالت: لا يجترئ لساني على النطق به. قال: قولي وأنت آمنة ما لزمت الحكمة، قالت ما معناه، إنها تقول: أيها الملك المسلط إلى أمد قريب إني خفت بطشك بي فلم أظهر حتى عهدت إلى بناتي أن يأخذن بثأري، وكأنك بهن قد خرجن عليك فإما أن يعجلن الفتك بك، وإما أن ينقصن شهوتك وقوتك وصحتك حتى تعد الموت غنما، فقال: اكتبي كلامك فكتبته فتدبّره، ثم نبذ ملكه في حديث. هذا المقصود منه، وفي معناه قيل:
وزائرة للشيب لاحت بمفرقي … فبادرتها خوفا من الحتف بالنتف
فقالت:
على ضعفي استطعت، ووحدتي … رويدك حتى يلحق الجيش من خلفي
وفي الإسرائيليات؛ أن إبراهيم الخليل لما رجع من تقريب ولده إلى ربه ﷿، رأت سارة في لحيته شعرة بيضاء، وكان ﵇ أول من شاب على وجه الأرض، فأنكرتها وأرته إياها. فجعل يتأملها وأعجبته وكرهتها سارة، وطالبته بإزالتها فأبى، فأتاه ملك الموت فقال: السلام عليك يا إبراهيم، وكان اسمه إبرام فزاده في اسمه هاء، والهاء في السريانية للتفخيم والتعظيم، ففرح بذلك، فقال: أشكر إلهي وإله كل شيء. فقال له الملك: إن الله قد صيرك معظّما في أهل السموات وأهل الأرض، وقد وسمك بسمة أهل الوقار في اسمك وفي خلقك، أما اسمك فإنك تدعى في أهل السماء وأهل الأرض إبراهيم، وأما خلقك فقد أنزل وقارا ونورا على شعرك. فأخبر
= الواضح المبين في هذه المسألة التي ضلّت فيها عقول كثير من الناس، فما عليك إلا أن تقرأ: كتاب «قاعدة جليلة في التوسّل والوسيلة» لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية، و «التوسل أنواعه وأحكامه» للمحدّث الألباني - رحمه الله تعالى - وهو مطبوع بالمكتب الإسلامي ببيروت، و «التوصل إلى حقيقة التوسل» لمحمد نسيب الرفاعي - رحمه الله تعالى - و «التوسل حكمه وأقسامه» جمع وإعداد: أبو أنس علي بن حسين أبو لوز - نشر دار ابن خزيمة بالرياض، وغيرها من أمهات كتب العقيدة السلفية.