للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسورة واحدها سوار، فيها ثلاث لغات: ضم السين وكسرها، وأسوار.

قال المفسرون: لما كانت الملوك تلبس في الدنيا الأساور والتيجان جعل الله ذلك لأهل الجنة إذ هم ملوك، قوله تعالى: ﴿وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ﴾ [فاطر: ٣٣].

روي عن يحيى بن سلام، عن حماد بن سلمة، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة قال: دار المؤمن في الجنة درة مجوفة وسطها شجرة تنبت الحلل، ويأخذ بإصبعه. أو قال بإصبعيه - سبعين حلة منظمة باللؤلؤ والزبرجد والمرجان.

وأخرج ابن المبارك بهذا السند، عن حماد، عن أبي المهزم قال: سمعت أبا هريرة يقول: إن دار المؤمن في الجنة من لؤلؤة فيها أربعون بيتا، في وسطها شجرة تنبت الحلل، فيذهب فيأخذ بإصبعيه سبعين حلة منظمة باللؤلؤ والزبرجد والمرجان (١). وقد تقدم هذا المعنى، وأبو المهزم ضعيف.

وروي عن أبي هريرة أنه قال: بلغني أن وليّ الله يلبس حلّة ذات وجهين يتجاوبان بصوت مليح، تقول التي تلي جسده: أنا أكرم على ولي الله، أنا أمس بدنه، وأنت لا تمسّينه، وتقول التي تلي وجهه: أنا أكرم على ولي الله منك، أنا أرى وجهه وأنت محجوبة لا ترين وجهه.

وقد تقدم أن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، من حديث أبي سعيد الخدري، صحّحه أبو عمرو وقال: هذا عندي على نحو المعنى الذي نزعنا به في شارب الخمر؛ أنه إذا دخل الجنة لا يشرب فيها خمرا ولا يذكرها ولا يراها ولا تشتهيها نفسه، فكذلك لابس الحرير في الدنيا إن لم يتب منه.

قلت: وكذلك من استعمل آنية الذهب والفضة ولم يتب من استعمالها.

وقد روي عن أبي موسى الأشعري أنه قال: قال رسول الله : «من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يسمع الروحانيين» فقيل: ومن الروحانيون يا رسول الله؟ قال: «قراء أهل الجنة» (٢). خرّجه الترمذي أبو عبد الله في «نوادر الأصول».

وقد قيل: إن حرمانه الخمر ولباسه الحرير وشربه في إناء الذهب والفضة واستماعه الروحانيين إنما هو في الوقت الذي يعذّب في النار ويسقى من طينة الخبال، فإذا خرج من النار بالشفاعة أو بالرحمة العامة المعبر عنها في الحديث بالقبضة؛ أدخل الجنة ولم يحرم شيئا منها، لا خمرا ولا حريرا ولا غيره، لأن


(١) أخرجه ابن المبارك في زوائد «الزهد» (٢٦٢).
(٢) أخرجه الحاكم الترمذي في «نوادر الأصول» (ص ١٥٤) - المصرية - وضعفه الألباني في «ضعيف الجامع» (٥٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>