للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف : كذا ذكر أبو عمر هذا الحديث بهذا اللفظ، وكذلك ذكره أبو أحمد بن علي فيما ذكر أبو محمد عبد الحق.

وذكره أبو داود الطيالسي قال: حدثنا أبو عقيل، عن بهية، عن عائشة قالت:

سألت النبي عن أطفال المشركين، قال: «هم في النار يا عائشة» قالت: فقلت:

فما تقول في المسلمين؟ قال: «هم في الجنة يا عائشة». قالت: قلت: وكيف ولم يدركوا الأعمال ولم تجر عليهم الأقلام؟ قال رسول الله : «ربك أعلم بما كانوا عاملين» (١). قال: أبو محمد عبد الحق: ويحيى بن المتوكّل ضعيف عندهم، وبهية لم يرو عنها إلا أبو عقيل.

وقالت طائفة: إن الأطفال يمتحنون في الآخرة، واحتجّوا بحديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله في الهالك في الفترة والمعتوه والمولود، قال:

«يقول الهالك في الفترة: لم يأتني كتاب ولا رسول» ثم تلا: ﴿وَلَوْ أَنّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً﴾ [طه: ١٣٤] الآية. ويقول المعتوه: رب لم تجعل لي عقلا أعقل به خيرا ولا شرا، ويقول المولود: ربّ لم أدرك العمل! فترفع لهم نار فيقول لهم ردّوها وادخلوها قال: فيردها أو يدخلها من كان في علم الله سعيدا لو أدرك العمل ويمسك عنها من كان في علم الله شقيّا لو أدرك العمل قال: فيقول الله: «إياي عصيتم فكيف رسلي لو أتتكم؟» (٢).

قال أبو عمر: من الناس من يوقف هذا الحديث على أبي سعيد، ولا يرفعه منهم ألا أبو نعيم الملائي.

قلت: ويضعّفه من جهة المعنى أن الآخرة ليست بدار تكليف، وإنما هي دار جزاء ثواب وعقاب.

قال الحليمي: وهذا الحديث ليس بثابت، وهو مخالف لأصول المسلمين، لأن الآخرة ليست بدار الامتحان فإن المعرفة بالله تعالى فيها تكون ضرورة ولا محنة مع الضرورة، ولأن الأطفال هناك لا يخلو من أن يكونوا عقلاء أو غير عقلاء، فإن كانوا مضطرين إلى المعرفة فلا يليق بأحوالهم المحنة، وإن كانوا غير عقلاء فهم من المحنة أبعد.

وقال أبو عمر : هذه الأحاديث من أحاديث الشيوخ، وفيها علل،


(١) أخرجه الطيالسي (١٥٧٦) بإسناد ضعيف.
(٢) أخرجه البزار كما في «المجمع» (٧/ ٢١٦) وضعّفه الهيثمي. لكن له شواهد يصحّ بها عن غير واحد من الصحابة؛ لذا أورده المحدّث الآلباني في «الصحيحة» (٦٠٣/ ٢٤٦٨/٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>