للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالربا فأجاز بيع سقاية الذهب بأكثر من وزنها، خرّجه أهل الصحيح (١).

وقال مالك في موضع آخر: إذا ظهر الباطل على الحق كان الفساد في آخر الأرض. وقال: إن لزوم الجماعة نجاة، وإن قليل الباطل وكثيره هلكة.

وقال: ينبغي للناس أن يغضبوا لأمر الله تعالى في أن تنتهك فرائضه وحرمه والذي أتت به كتبه وأنبياؤه، أو قال: يخالف كتابه.

قال أبو الحسن القابسي: الذي يلزم الحق ويغضب لأمر الله تعالى على بينة من النجاة، قال رسول الله : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله» (٢).

قال أبو عمر: وروى أشهب بن عبد العزيز قال: قال مالك: لا ينبغي الإقامة في أرض يكون العمل فيها بغير حق والسب للسلف. قال أبو عمر: أما قول مالك هذا فمعناه إذا وجد بلدا يعمل فيه الحق في الأغلب. وقد قال عمر بن عبد العزيز: فلان بالمدينة وفلان بمكة وفلان باليمن وفلان بالعراق وفلان بالشام، امتلأت الأرض والله جورا وظلما. قال أبو عمر: فأين الهرب إلا إلى السكوت ولزوم البيوت والرضى بأقل قوت. وقال منصور بن الفقيه فأحسن:

الخير أجمع في السكوت … وفي ملازمة البيوت

فإذا استوى لك ذا وذا … فاقنع له بأقلّ قوت

وكان سفيان الثوري يقول: هذا زمان سوء لا يؤمن فيه على الخاملين فكيف بالمشهورين؟ هذا زمان ينتقل فيه الرجل من قرية إلى قرية يفر بدينه من الفتن.

ويحكى عنه أنه قال: والله ما أدري أي البلاد أسكن؟ فقيل له: خراسان.

فقال: مذاهب مختلفة وآراء فاسدة. فقيل: الشام. فقال: يشار إليكم بالأصابع - أراد الشهرة - فقيل له: فالعراق. قال: بلد الجبابرة، فقيل له: فمكة. قال: مكة تذيب الكيّس والبدن.

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: قال شيخي: في العبادة لا يذهب بك الزمان في مصافاة الأقران ومواصلة الأحزان، ولم أر للخلاص طريقا أقرب من طريقين؛ إما أن يغلق المرء على نفسه بابه، وإما أن يخرج إلى موضع لا يعرف


(١) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢/ ١٣٣) -٣١ - كتاب البيوع - (١٦) باب بيع الذهب بالفضة رقم (٣٣) والنسائي (٧/ ٢٧٩) والشافعي في «الرسالة» ص ٤٤٦، فقرة رقم (١٢٢٨).
وصحّح القصة العلامة المحدث أحمد شاكر في تحقيق على «الرسالة» وكذا العلامة الألباني في «صحيح سنن النسائي» رقم (٤٢٦٣).
(٢) أخرجه البخاري (٣٦٤٠) ومسلم (١٩١٢). والحديث رواه عدد من الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>