للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى سفيان بن عيينة قال: حدّثنا سفيان بن سعيد، عن مسعر قال: بلغني أن ملكا أمر أن يخسف بقرية، فقال: يا رب؛ إن فيها فلانا العابد، فأوحى الله تعالى إليه أن به فابدأ فإنه لم يتغير وجهه فيّ ساعة قط (١).

وقال وهب بن منبه: لما أصاب داود الخطيئة قال: يا رب اغفر لي. قال:

قد غفرتها لك وألزمت عارها بني إسرائيل. قال: كيف يا رب؛ وأنت الحكم العدل الذي لا تظلم أحدا، أعمل أنا الخطيئة ويلزم عارها غيري؟ فأوحى الله تعالى إليه: يا داود إنك لما اجترأت عليّ بتلك المعصية لم يعجلوا عليك بالنكرة (٢).

وروى أبو داود عن العرس بن عميرة الكندي عن النبي قال: «إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة: فأنكرها - كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها» (٣). وهذا نص في الفرض.

وحسّن رجل عند الشعبي قتل عثمان بن عفان فقال الشعبي:

قد شركت في دمه.

وفي صحيح الترمذي (٤): «إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب من عنده» (٥).

فالفتنة إذا عمت هلك الكل، وذلك عند ظهور المعاصي وانتشار المنكر وعدم التغيير، وإذا لم تغير وجب على المؤمنين المنكرين لها بقلوبهم هجران تلك البلدة والهرب منها، وهكذا كان الحكم فيمن كان قبلنا من الأمم، كما في قصة السبت حين هجروا العاصين، وقالوا: لا نساكنكم. وبهذا قال السلف .

روى ابن وهب، عن مالك قال: تهجر الأرض التي يصنع فيها المنكر جهارا ولا يستقرّ فيها. واحتج بصنيع أبي الدرداء في خروجه عن أرض معاوية حين أعلن


(١) أخرجه الحميدي كما في «الداء والدواء» لابن القيم ص ٧٢ - ط. ابن الجوزي - وص ١٣٤ - دار ابن خزيمة -، وهي لا تصح.
(٢) ذكرها ابن القيم في المصدر السابق ص ٧٢ - ابن الجوزي و ١٣٥ - ابن خزيمة - عن ابن أبي الدنيا، ولا تصح أيضا.
(٣) أخرجه أبو داود (٤٣٤٥) وحسّنه الألباني.
(٤) يقصد المصنف «جامع الترمذي» المشهور بالسنن، وإطلاق لفظ: «صحيح الترمذي» عليه غير دقيق، والصواب في اسمه: «الجامع المختصر من السنن عن رسول الله ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل».
(٥) أخرجه الترمذي (٢١٦٨) وغيره، وهو صحيح؛ صححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>