للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا هم يولون الظّهور فيدبروا … فرارا كفعل الخادرات الدرائب

قال ابن شهاب: فأنشدت عائشة أبياته هذه فقالت: ما سمعت بشاعر أصدق شعرا منه.

قال الحافظ: ابن دحية: قوله: بل نرى أن نضارب؛ أن هنا مخففة من الثقيلة محذوفة الاسم، تقديره: أننا نضارب. وقوله: كفعل الخادرات الدرائب؛ الخادرات:

الأسود، يقال: أسود خادر كأن الأجمة له خدر، فمعناه: أنهم لا يدبرون كالأسود التي لا تدبر عن فرائسها، لأنها قد ضربت بها ودربت عليها، والدربة: الضراوة، يقال:

درب يدرب ورفع الدرائب، لأنها بدل من الضمير في يدبروا.

قال: والإجماع منعقد على أن طائفة الإمام طائفة عدل والأخرى طائفة بغي، ومعلوم أن عليّا كان الإمام.

وروى مسلم في صحيحه قال: حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن مثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي سلمة، قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: أخبرني من هو خير مني أن رسول الله قال لعمار حين جعل يحفر الخندق، جعل يمسح رأسه ويقول: «بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية» (١) وخرّجه أيضا من حديث إسحاق بن إبراهيم، وإسحاق بن منصور، ومحمد بن غيلان، ومحمد بن قدامة، قالوا: أخبرنا النضر بن شميل، عن شعبة، عن أبي سلمة بهذا الإسناد نحوه، غير أن في حديث النضر قال: أخبرني من هو خير مني أبو قتادة، وله طرق غير هذا في «صحيح مسلم».

وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب «الاستيعاب» (٢) له في ترجمة عمار:

وهو من أصح الأحاديث.

وقال فقهاء الإسلام فيما حكاه الإمام عبد القاهر في كتاب «الإمامة» من تأليفه: وأجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي، منهم: مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي والجمهور الأعظم من المتكلّمين إلى أن عليّا مصيب في قتاله لأهل صفين، كما قالوا بإصابته في قتل أصحاب الجمل. وقالوا أيضا بأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له، ولكن لا يجوز تكفيرهم ببغيهم.

وقال الإمام أبو منصور التميمي البغدادي في كتابه (الفرق) من تأليفه في شأن عقيدة أهل السنة؛ وأجمعوا أن عليّا كان مصيبا في قتاله لأهل صفين كما قالوا


(١) أخرجه مسلم (٢٩١٥).
(٢). (٢/ ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>