العلم عن مسألتهم، لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم (١).
قال ابن دحية ﵁: وكيف يؤمّن من خان الله وكذب عليه وكفر واستكبر وفجر؟
وأما حديث الدابة فقد نطق بخروجها القرآن، ووجب التصديق بها والإيمان، قال الله تعالى: ﴿وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ﴾ [النمل: ٨٢].
وكنت بالأندلس قد قرأت أكثر كتب المقرئ الفاضل أبي عمر عثمان بن سعيد بن عثمان توفي سنة أربع وأربعين وأربعمائة فمن تأليفه كتاب «السنن الواردة بالفتن وغوائلها والأزمنة وفسادها والساعة وأشراطها» وهو مجلد مزج فيه الصحيح بالسقيم، ولم يفرق فيه بين نسر وظليم، وأتى بالموضوع، وأعرض عما ثبت من الصحيح المسموع، فذكر الدابة في الباب الذي نصه: باب ما روي أن الوقعة التي تكون بالزوراء، وما يتصل بها من الوقائع والآيات والملاحم والطوام، وأسند ذلك عن عبد الرحمن، عن سفيان الثوري، عن قيس بن مسلم، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة قال: قال رسول الله ﷺ: «تكون وقيعة الزوراء» قالوا: يا رسول الله؛ وما الزوراء؟ قال:«مدينة بالمشرق بين أنهارها يسكنها شرار خلق الله وجبابرة من أمتي، تعذب بأربعة أصناف من العذاب»، ثم ذكر حديث خروج السفياني في ستين وثلاثمائة راكب حتى يأتي دمشق، ثم ذكر خروج المهدي، قال واسمه: أحمد بن عبد الله! وذكر خروج الدابة، قال: قلت: يا رسول الله؛ وما الدابة؟ قال: ذات وبر وريش، عظمها ستون ميلا، ليس يدركها طالب ولا يفوتها هارب، وذكر يأجوج ومأجوج وأنهم ثلاثة أصناف صنف منهم مثل الأرز الطوال، وصنف آخر منهم عرضه وطوله سواء عشرون ومائة ذراع في عشرين ومائة ذراع هم الذين لا يقوم لهم الحديد، وصنف يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى! وهذه الأسانيد عن حذيفة في عدة أوراق ظاهرة الوضع والاختلاف.
وفيها ذكر مدينة يقال لها المقاطع وهي على البحر الذي لا يحمل جارية، قال: لأنه ليس له قعر، إلى أن قال حذيفة: قال عبد الله بن سلام: والذي بعثك بالحق إن صفة هذه في التوراة طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل. قال رسول الله ﷺ: لها ستون وثلاثمائة باب يخرج من كل باب منها مائة ألف مقاتل.
قال الحافظ أبو الخطاب ﵁: ونحن نرغب عن تسويد الورق بالموضوعات فيه، ونثبت الصحيح الذي يقربنا من إله الأرضين والسموات،
(١) ذكره البخاري في «صحيحه» (١٣/ ٣٣٣، ٣٣٤) - فتح - كتاب الاعتصام، باب: قول النبي ﷺ: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء».