مضاربهم والسبي على حاله، إلى أن يبلغ الخبر الخارج بمكة؛ واسمه محمد بن علي من ولد السبط الأكبر الحسن بن علي، فيطوي الله تعالى له الأرض فيبلغ البيداء من يومه فيجد القوم أبدانهم داخلة في الأرض ورؤوسهم خارجة وهم أحياء، فيحمد الله ﷿ هو وأصحابه، وينتحبون بالبكاء ويدعون الله ﷿ ويسبحونه ويحمدونه على حسن صنيعه إليهم، ويسألونه تمام النعمة والعافية فتبلعهم الأرض من ساعتهم، يعني أصحاب السفياني، ويجد الحسني العسكر على حاله والسبي على حاله، وذكر أشياء كثيرة الله أعلم بصحتها أخذها من كتاب دانيال فيما زعم.
قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية: ودانيال نبي من أنبياء بني إسرائيل، كلامه عبراني وهو على شريعة موسى بن عمران، وكان قبل عيسى ابن مريم بزمان، ومن أسند مثل هذا إلى نبي عن غير ثقة أو توقيف من نبينا ﷺ، فقد سقطت عدالته إلا أن يبين موضعه لتصح أمانته. وقد ذكر في هذا الكتاب من الملاحم وما كان من الحوادث وما سيكون وجمع فيه التنافي والتناقض بين الضب والنون، وأغرب فيما أغرب في روايته عن ضرب من الهوس والجنون، وفيه من الموضوعات ما يكذّب آخرها أولها ويتعذّر على المتأول لها تأويلها وما يتعلق به جماعة الزنادقة من تكذيب المصدوق محمد ﷺ، أن في سنة ثلاثمائة يظهر الدجال من يهودية أصبهان، وقد طعنّا في أوائل سبعمائة في هذا الزمان وذلك شيء ما وقع ولا كان.
ومن الموضوع فيه المصنوع والتهافت الموضوع الحديث الطويل الذي استفتح به كتابه فهلاّ اتقى الله وخاف عقابه؟! وإن من أفضح فضيحة في الدين نقل مثل هذا الإسرائيليات عن المتهوّدين، فإنه لا طريق فيما ذكر عن دانيال إلا عنهم ولا رواية تأخذ في ذلك إلا منهم.
وقد روى البخاري في تفسير سورة البقرة عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسّرونها بالعربية لأهل الإسلام. فقال رسول الله ﷺ:«لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذّبوهم وقولوا: آمنا بالله وما أنزل إلينا»(١).
وقد ذكر في كتاب الاعتصام، أن ابن عباس قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزله الله على رسوله أحدث شيء، تقرءونه محضا لم يشب؟ وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدّلوا كلام الله وغيروه، وقد كتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا: هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، ألا ينهاكم ما جاءكم من