جانبي الجبلين. ﴿قالَ اُنْفُخُوا﴾ [الكهف: ٩٦] أي: أوقدوا ﴿حَتّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً * فَمَا اِسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اِسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً﴾ [الكهف: ٩٦، ٩٧] أي: من تحته. وقال عبد الملك في قوله: ﴿أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً﴾ [الكهف: ٩٦] يعني: نحاسا ليتلصق فأفرغه عليه، فدخل بعضه في بعض، قال: ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكّاءَ﴾ [الكهف: ٩٨].
وفي تفسير الحوفي أبي الحسن: أن ذا القرنين لما عاين ذلك منهم انصرف إلى ما بين الصدفين فقاس ما بينهما وهو في منقطع الترك مما يلي مشرق الشمس، فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ، فلما أنشأ في عمله حفر له أساسا حتى إذا بلغ الماء جعل عرضه خمسين فرسخا، وجعل حشوه الصخور وطينه النحاس يذاب ثم يصب عليه، فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض، ثم علاه وشرفه بزبر الحديد والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقا من نحاس، فصار كأنه برد حبرة من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد، فلما فرغ منه وأحكمه انطلق عائدا إلى جماعة الإنس والجن، انتهى كلام الحوفي.
وعن علي ﵁ قال: وصنف منهم في طول شبر لهم مخالب وأنياب كالسباع، وتداعي الحمام وتسافد البهائم وعواء الذئب، وشعور تقيهم الحر والبرد، وآذان عظام إحداهما وبرة يشتّون فيها، والأخرى جلدة يصيّفون فيها.
وعن ابن عباس ﵁ قال: الأرض ستة أجزاء فخمسة أجزاء يأجوج ومأجوج وجزء فيه سائر الخلق.
وقال كعب الأحبار: احتلم آدم ﵇ فاختلط ماؤه بالتراب فأسف فخلقوا من ذلك. قال علماؤنا: وهذا فيه نظر لأن الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه لا يحتلمون.
وقال الضحاك: هم من الترك.
وقال مقاتل: هم من ولد يافث بن نوح، وهذا أشبه كما تقدم، والله أعلم.
وقرأ عاصم «يأجوج ومأجوج» بالهمزة فيهما، وكذلك في الأنبياء على أنهما مشتقان من أجة الحر وهي شدته وتوقده، ومنه أجيج النار، ومن قولهم ملح أجاج، فيكونان عربيين من أج وميج، ولم يصرفا لأنهما جعلا اسمين فهما مؤنثتان معرفتان، والباقون بغير همز جعلوهما لقبيلتين أعجميتين، ولم يصرف للعجمة والتعريف.