ولا خنزير إلا أكلوه، ويأكلون من مات منهم، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية، فيمنعهم الله من مكة والمدينة وبيت المقدس» (١).
ويروى أنهم يأكلون جميع حشرات الأرض من الحيات والعقارب، وكل ذي روح مما خلق الله في الأرض، وليس لله خلق ينمي كنمائهم في العام الواحد ولا يزداد كزيادتهم ولا يكثر ككثرتهم، يتداعون تداعي الحمام، ويعوون عواء الكلاب، ويتسافدون تسافد البهائم، حيث التقوا. صحّ أصله في كتاب القصد والأمم في أنساب العرب والعجم قال: ومنهم من له قرن وذنب وأنياب بارزة يأكلون اللحوم نيئة.
وقال كعب الأحبار: خلق الله يأجوج ومأجوج على ثلاثة أصناف: صنف أجسامهم كالأرز، وصنف أربعة أذرع طولا وأربعة عرضا، وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى، فيأكلون مشائهم نسائهم. ذكره أبو نعيم الحافظ.
وذكره عبد الملك بن حبيب أنه قال في قول الله ﷿ في قصة ذي القرنين: ﴿فَأَتْبَعَ سَبَباً﴾ [الكهف: ٨٥] يعني: منازل الأرض ومعاليها وطرقها، ﴿حَتّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ﴾ [الكهف: ٩٣] يعني: الجبلين اللذين خلفهم يأجوج ومأجوج ﴿وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً﴾ [الكهف: ٩٣] أي: كلاما، ﴿يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الكهف: ٩٤].
قال عبد الملك: وهما أمتان من ولد يافث بن نوح مد الله لهما في العمر، وأكثر لهما في النسل، حتى ما يموت الرجل من يأجوج ومأجوج، حتى يولد له ألف ولد فولد آدم كلهم عشرة أجزاء يأجوج ومأجوج، منهم تسعة أجزاء، وسائر ولده كلهم جزء واحد.
قال عبد الملك: كانوا يخرجون أيام الربيع إلى أرض القوم الذين هم قريب منهم، فلا يدعون لهم شيئا إذا كان أخضر إلا أكلوه ولا يابسا إلا حملوه، فقال أهل تلك الأرض لذي القرنين: ﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً﴾ [الكهف: ٩٤] يعني: جعلا ﴿عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ [الكهف: ٩٤، ٩٥] من جعلكم ولكن ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً﴾ [الكهف: ٩٥] قالوا: له وما تريد؟ قال: ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ [الكهف: ٩٦] أي: قطع الحديد، فوضع بعضها على بعض كهيئة البناء فيما بين السدين، وهما جبلان ﴿حَتّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾ [الكهف: ٩٦] يعني:
(١) قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٨/ ٦): «رواه الطبراني في «الأوسط»، وفيه يحيى بن سعيد العطار؛ وهو ضعيف».