ومن غير حلّه، ثم خلّفته لغيري، فالمهنأة له والتبعة عليّ، فاحذروا ما حل بي» (١).
وروى جعفر بن محمد، عن أبيه قال: نظر رسول الله ﷺ إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار، فقال له النبي ﷺ:«ارفق بصاحبي فإنه مؤمن» فقال ملك الموت ﵇: يا محمد طب نفسا وقرّ عينا، فإني بكل مؤمن رفيق، واعلم أن ما من أهل بيت مدر ولا شعر في بر ولا بحر، إلا وأنا أتفحّصهم في كل يوم خمس مرات، حتى لأنا أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم لأنفسهم، والله يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك، حتى يكون الله هو الآمر بقبضها.
قال جعفر بن محمد: بلغني أنه يتفحّصهم عند مواقيت الصلاة. ذكره الماوردي.
قال الشيخ المؤلف ﵀: وفي هذا الخبر ما يدل على أن ملك الموت هو الموكل بقبض كل ذي روح، وأن تصرفه كله بأمر الله ﷿ وبخلقه واختراعه.
قال ابن عطية: وروي في الحديث أن البهائم كلها يتوفى الله أرواحها دون ملك الموت، كأنه يعدم حياتها، قال: وكذلك الأمر في بني آدم إلا أنه نوع شرف بتصرف ملك الموت وملائكة معه في قبض أرواحهم، فخلق الله ملك الموت وخلق على يديه قبض الأرواح وانسلالها من الأجسام، وإخراجها منه، وخلق جندا يكونون معه يعملون عمله بأمره.
وقال تعالى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا﴾ [الأنعام: ٦١] والباري سبحانه خالق الكل الفاعل حقيقة لكل فعل.
قال الله تعالى: ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها﴾ [الزمر: ٤٢] وقال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ﴾ [الملك: ٢] وقال: ﴿يُحيِي وَيُمِيتُ﴾ [يونس: ٥٦]. فملك الموت يقبض الأرواح والأعوان يعالجون، والله يزهق الروح. وهذا هو الجمع بين الآي والحديث، لكنه لما كان ملك الموت متولى ذلك بالوساطة والمباشرة؛ أضيف التوفي إليه، كما أضيف الخلق للملك.
قال الشيخ المؤلف ﵀: كما في حديث ابن مسعود ﵁ قال: حدّثنا رسول الله ﷺ وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن