للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأنعام: ١٦٠] وقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾ [البقرة: ٢٦١]، وقال في الآية الأخرى: ﴿كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ﴾ [البقرة: ٢٦٥] وقال: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾ [البقرة: ٢٤٥]. وهذا كله تفضّل من الله تعالى، وطريق العدل: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى﴾ فإذا تصدّق عنه غيره فليس يجب له شيء، إلا أن الله ﷿ يتفضل عليه بما لم يجب له، كما أن زيادة الأضعاف فضل منه كتب لهم بالحسنة الواحدة عشرا إلى سبعمائة ضعف، إلى ألف ألف حسنة.

كما قيل لأبي هريرة: أسمعت رسول الله ، يقول: «إن الله ليجزي عن الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة؟» فقال: سمعته يقول: «إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة» (١). فهذا تفضّل، وقد تفضّل الله على الأطفال بإدخالهم الجنة بغير عمل، فما ظنك بعمل المؤمن عن نفسه أو عن غيره؟!

وقد ذكر الخرائطي في كتاب القبور، قال: «سنّة في الأنصار إذا حملوا الميت أن يقرءوا معه سورة البقرة».

ولقد أحسن من قال:

زر والديك وقف على قبريهما … فكأنني بك قد حملت إليهما

في أبيات يقول في آخرها:

وقرأت من آي الكتاب بقدر ما … تستطيع وقد بعثت ذاك إليهما

وإنما طولنا النّفس في هذا الباب، لأن الشيخ الفقيه القاضي الإمام مفتي الأنام عبد العزيز بن عبد السلام ، كان يفتي بأنه لا يصل للميت ثواب ما يقرأ، ويحتج بقوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى﴾ [النجم: ٣٩]؛ فلما توفي ، رآه بعض أصحابه ممن كان يجالسه وسأله عن ذلك، فقال له: إنك كنت تقول: إنه لا يصل إلى الميت ثواب ما يقرأ ويهدى إليه، فكيف الأمر؟ فقال له: إني كنت أقول ذلك في دار الدنيا، والآن فقد رجعت عنه لما رأيت من كرم الله تعالى في ذلك، وأنه يصل إليه ذلك (٢).

***


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٩٦) بإسناد ضعيف.
(٢) المنامات والرؤى لا تثبت أحكاما شرعية، فضلا على أن تغيّرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>