للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى﴾ [النجم: ٣٩] يعني: الكافر. وأما المؤمن فله ما سعى، وما سعى له غيره (١).

قلت: وكثير من الأحاديث تدل على هذا القول، ويشهد له، وأن المؤمن يصل إليه ثواب العمل الصالح من غيره.

وفي الصحيح عن النبي : «من مات وعليه صيام صام عنه وليّه» (٢).

وقال للرجل الذي حج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه: «حجّ عن نفسك ثم حج عن شبرمة» (٣).

وروي أن عائشة اعتكفت عن أخيها عبد الرحمن بعد موته وأعتقت عنه.

وقال سعد للنبي : إنّ أمي توفيت، أفأتصدّق عنها؟ قال: «نعم» قال:

فأي الصدقة أفضل؟ قال: «سقي الماء» (٤).

وفي «الموطأ» عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمّته، أنها حدّثته، عن جدّته، أنها جعلت على نفسها مشيا إلى مسجد قباء، فماتت ولم تقضه، فأفتى عبد الله بن عباس ابنتها أن تمشي عنها (٥).

قلت: ويحتمل أن يكون قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى﴾ خاصّا في السيئة، بدليل ما في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، عن النبي ، قال: قال الله ﷿: «إذا همّ عبدي بحسنة ولم يعملها كتبتها له حسنة، فإن عملها كتبتها له عشرا إلى سبعمائة ضعف، وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه، فإن عملها كتبتها سيئة واحدة» (٦). والقرآن دال على هذا؛ قال الله تعالى: ﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾


(١) قال المصنف في «تفسيره» (١٧/ ١١٤): «وقال أكثر أهل التأويل: هي محكمة ولا ينفع أحدا عمل أحد».
وقال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٣٢٨): «وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء، فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما، ومنصوص من الشارع عليهما».
(٢) أخرجه البخاري (١٩٥٢) ومسلم (١١٤٧).
(٣) أخرجه أبو داود (١٨١١) وابن ماجه (٢٩٠٣) وهو حديث «صحيح» كما في «صحيح سنن أبي داود» (١٥٩٦).
(٤) أخرجه أحمد (٦/ ٧) وأبو داود (١٦٧٩) والنسائي (٦/ ٢٥٤ - ٢٥٥) وابن ماجه (٣٦٨٤) وغيرهم، وهو حديث حسن، انظر «صحيح سنن أبي داود» (١٤٧٣).
(٥) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢٤/ ٢/٢)، ٢٢ - كتاب النذور والأيمان.
(٦) أخرجه مسلم (١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>