" ولم أجد ترجمة لإدريس هذا، وما أظن أحداً ضعفه. ولذلك لما أراد ابن
الجوزي في " التحقيق " أن ينصر مذهبه ضعف الحديث بصخر بن عبد الله، فأخطأً
جداً؛ لأنه زعمه: صخر بن عبد الله الحاجبي المِنْقرِي، وهو كوفي متأخر، روى عن
مالك والليث، وبقي إلى حدود سنة (٢٣٠) . وأما الذىِ في الإسناد؛ فهو صخر
ابن عبد الله بن حرملة المُدْلِجِي، وهو حجازي قديم، كان في حدود سنة (١٣٠) ،
وهو ثقة "!!
قلت: وفيما ظن نظرٌ:
أولا: أنه مجرد ظن، والظن لا يغني من الحق شيئاً؛ فإن عدم العلم بالشيء
لا يستلزم نفي المعلوم، كما لا يخفى.
وثانياً: لو ثبت أنه لم يضعفه أحد؛ فلا يلزم منه ثبوت العدالة له؛ فإن لذلك
شروطاً مقررة في مصطلح الحديث معروفة، ولو أن أحدأ طرد هذا الذي ذهب إليه
الشيخ؛ لثبت عدالة كثيرين من الرواة المجهولين عندنا، بحجة أننا لا نعلم أن أحدا
ضعفهم! ولا يخفى بطلان هذا.
وثالثاً: أن انصراف ابن الجوزي عن هذه العلة إلى علة أخرى غير صحيحة: لا
يدلً على أن ليس هناك علة أخرى صحيحة؛ لجواز أنه ذهل عنها. وكثيراً ما رأينا
في إسناد غير ما حديث أكثر من علة واحدة، فيشتغل بعض الناقدين ببيان
إحداها، ويذهل بذلك عن الأخرى، وقد تكون هذه هما القادحة في صحة
الحديث، فلا ينتبه لها إلا من شاء الله! ولعله قد مضى في كتابنا هذا- من هذا
القبِيل- غير ما حديث، ومن ذلك الحديث التقدم برقم (٤) ، فقد أعله الصنف بتفرد
همام، وليس كذلك! وإنما علته الحقيقية تدليس ابن جريج، كما بيناه هناك.
ثم إن الشيخ أحمد حفظه الله قوى الحديث بما نقله عن الباغندي في " مسند
عمر بن عبد العزيز " (ص ٣) : حدثنا هشام بن خالد الأزرق: نا الوليد بن مسلم