للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوجود الإخلاص فيها ضروري، ويجب أن يتحلى به صاحب الدعوة إلى الله، وذلك للفوز بالجنة، ولا يمكن ذلك إلا إذا وافق العمل بالدعوة إخلاص النية لوجه الله وحده، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (١)، وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "الإخلاص هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة، وهو تصفية الفعل من ملاحظة المخلوقين" (٢). وإذا غاب الإخلاص حل محله الهوى، فأصبح الداعية عبداً لهواه مسيراً به حتى وإن كان يعتقد أنه يدعو إلى الحق، فيصبح داعية ضلال لا داعية هدى، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} (٣). ومن هذا كانت دعوة الصحابة - رضي الله عنهم - خالصة لوجه الله تعالى، ولا يريدون منها إلا رضاه سبحانه دون غيره، فها هو عروة بن مسعود - رضي الله عنه - يستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام إلا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخبره أنهم قاتلوه فيصر - رضي الله عنه - أن يبلغ قومه الدعوة فيأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيدعوهم ويرميه أحدهم بسهم فيصيبه في أكحله، فيتجهز قومه لقتال من قتلوه فيقول - رضي الله عنه -: "لا تقتتلوا فيَّ فإني قد تصدقت بدمي على صاحبه ليصلح بذلك بينكم، فهي كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إليَّ" (٤).


(١) سورة البينة، الآية: ٥.
(٢) مدارج السالكين، ابن القيم، ٢/ ٩٥.
(٣) سورة الجاثية، الآية: ٢٣.
(٤) المغازي، الواقدي، ص ٦٣٨.

<<  <   >  >>