للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك كان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - كان رجال قومه يأتونه ويألفونه لحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه، وقد أسلم على يده كثير من الصحابة، فكان منهم من كبار قومهم مثل عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، ومنهم موالي مثل عامر بن فهيرة - رضي الله عنه - (١).

خامساً: الحكمة والموعظة الحسنة:

لقد أمر الله - سبحانه وتعالى - بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٢)، ففي هذا الأمر وجوب على الداعي أن يستخدم الحكمة والموعظة الحسنة مع المدعوين، وأن تكون من أساس دعوته، فقد أعطى الله - سبحانه وتعالى - نبيه الحكمة، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ثم أطبقه ... ((٣).

ولو لم يكن للحكمة فضل كبير في الدعوة لما أمر الله بها - سبحانه وتعالى -، وقد دخل الإسلام في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعداد لا تحصى من المسلمين بسبب دعوته - صلى الله عليه وسلم - بالحكمة والموعظة الحسنة، كما كان لها دور في دعوة الصحابة - رضي الله عنهم - حيث ساروا على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.

يقول الدكتور سعيد بن وهف القحطاني: (إن الحكمة لا تقتصر على الكلام والرفق والعفو والحلم فحسب، إنما تكون مع بيان الحق علماً وعملاً واعتقاداً


(١) انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، ١/ ٢٣٩ - ٢٤٧.
(٢) سورة النحل، الآية: ١٢٥.
(٣) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب ما جاء في زمزم، رقم ١٦٣٦، ص ٢٦٤.

<<  <   >  >>