للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: الإباحة:

لما كانت الدعوة إلى الله هي دعوة الحق، فإنها لا تقبل إلا حقاً، ولأن الإسلام لا يفصل في الحكم بين الوسيلة والغاية فإن للوسائل حكم الغايات، يقول ابن القيم: "لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعة لها، معتبرة بها؛ فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها، ووسائل الطاعات والقربات إباحتها والأذن فيها بحسب إفضائها إلى غاياتها. فوسيلة المقصود تابعة للمقصود" (١). وقد حرص الصحابة - رضي الله عنهم - في دعوتهم على استخدام الوسائل المباحة لنشر الإسلام والابتعاد عن الوسائل المحرمة، وحيث إن الأصل في الأشياء الإباحة إلا أنه هناك وسائل وردت أدلة على تحريمها والنهي عنها، كالخداع والكذب والخيانة والنفاق وغيرها، وهذه الوسائل قد ابتعد عنها الصحابة ولم يستخدموها، بل العكس استخدموا وسائل وردت أدلة باستخدامها كالجهاد والقول والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشعر والإيثار وغيرها، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} (٢)، وقال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (٣)، وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (٤) ... وغيرها من الأدلة.


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، ٣/ ١٣٥.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٧٣.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٨٣.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١١٠.

<<  <   >  >>