للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ) الخطابة: "وهي الكلام الذي يلقى في جمهور الناس للاقتناع والتأثير" (١)، ولون من ألوان النثر في الأدب العربي، وهي "أقدم قنوات الاتصال مع الآخرين، وكما عرفتها كل الأمم والشعوب عرفها العرب قبل الإسلام وعقدوا لها أسواقاً كسوق عكاظ. ولما جاء الإسلام وسع أفق الخطابة ونوع أغراضها وحولها من أداة تفاخر بين القبائل إلى وسيلة هداية إلى الله تعالى" (٢)، "وهي فن من فنون الكلام غايته إقناع السامعين واستمالتهم والتأثير فيهم بصواب قضية أو خطأ أخرى" (٣)، ولما فيها من إقناع واستمالة وتأثير فإن لها دوراً فعّالاً في إيصال الدعوة إلى المدعوين وتغذية عقولهم بالإسلام، خصوصاً إذا كانت الخطابة ذات هدف نبيل وغاية سليمة كالدعوة إلى الإسلام، وقد دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أول ما دعا قومه بخطبة على الصفا، يقول ابن عمر - رضي الله عنهما -: صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - الصفا ذات يوم فقال: "يا صباحاه" فاجتمعت إليه قريش، قالوا: مالك؟ قال: "أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو يمسيكم أما كنتم تصدقونني؟ " قالوا: بلى، قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" (٤).

وقد حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على استخدام هذه الوسيلة من وسائل الدعوة اقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقد خطب سعد بن معاذ في قومه عندما أسلم ودعاهم إلى الإسلام


(١) الأسلوب، أحمد الشايب، ص ١١٦.
(٢) منهجية علم الدعوة، محمد قاسم الشوم، ص ١٤٨.
(٣) فن التحرير العربي، محمد صالح الشنطي، ص ٢٢٥.
(٤) صحيح البخاري، كتاب التفسير، سورة سبأ، باب {إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}، رقم ٤٨٠١، ص ٨٤٥.

<<  <   >  >>