للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انصرف ومات من عامه ولم يعد للنبي - صلى الله عليه وسلم - (١)، فانظر كيف أن الأجل لم يمهله حتى ولو طال أمله في البقاء، وبهذا يتبين أهمية الحرص على أداء الدعوة في الحال.

خامساً: الحرص والاهتمام بهداية المدعو:

إذا كان الاهتمام بالمدعو من واجبات الداعي فإن الحرص على هدايته من حقوقه؛ لأن من حق المريض على الطبيب الحرص على علاجه ومتابعته حتى شفائه، وإن كنا قلنا في السابق إن المدعو كالمريض فإن الداعية كالطبيب، فيجب أن يحرص عليه ويهتم به لإزالة المرض بجميع أعراضه والتي قد تسبب انتكاسة للمريض، وكذلك المدعو فإن الحرص على هدايته من الإخلاص في الدعوة، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حريصاً على هداية المدعوين وإنقاذهم، قال تعالى في الرسول - صلى الله عليه وسلم -: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} (٢)، و"باخع" "أي مهلك نفسك بحزنك عليهم" (٣)، وذلك من حرص الرسول - صلى الله عليه وسلم - على هداية الناس.

وكان الصحابة - رضي الله عنهم - حريصين أيضاً على هداية من يدعونهم مما كان له الأثر في قبول الدعوة واستجابة المدعو، فكلما كان الداعية حريصاً على المدعو ومهتماً به أشعر المدعو بروح المحبة وإزالة كثير من العقبات النفسية لدى المدعو والتي قد تكون عائقاً أمام قبول الدعوة. فحرص واهتمام أصحاب


(١) انظر: البداية والنهاية، ابن كثير، ٢/ ١٣٦ - ١٣٧.
(٢) سورة الكهف، الآية: ٦.
(٣) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ٩/ ١٠٤.

<<  <   >  >>