فنجد أنه مؤمن بالقدر وقد عدَّه كرامة وشهادة، كما بيَّن أن ذلك مقدَّر له من قبل بإخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - له أنهم سوف يقتلونه فكان ما قُدِّر له.
[المطلب الثاني: مواضيع الشريعة في دعوة الصحابة - رضي الله عنهم -]
كان الناس قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - تحكمهم شرائع الأقوى، وأنظمة المستبدِّ، فكل ما تولَّى قوم على قوم حكَّموا شرائع يضعها المنتصر، وتخدم مصالحه، فقد طبَّق الفرس شرائعهم على البلاد والأقوام التي تحت سيطرتهم، كالعراق والبحرين واليمن وبعض قبائل العرب التابعة لهم، وأما الروم فطبَّقوا شرائعهم على الشام ومصر ومن والاهم من العرب، كما مارس أهل الديانات الأخرى شرائع ضالة ومضلة، منها ما هو محرَّف عن شرائع سماوية، ومنها ما هو شرائع وضعية، ومع ذلك لم تأت هذه الشرائع إلى البشر بما يتكفَّل بأمور الإنسان الكاملة، ولم تشبع حاجاته الدنيوية والأخروية؛ لذلك كان يسهل عليه أن يتنقل من شريعة إلى أخرى حسب الظروف المحيطة، ولكن بعد ظهور الإسلام وبعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بشريعة الله التي تشمل جميع مناحي الحياة، وتحيط بجميع جوانبها، وأخرج الناس من اتباع أهواء بعضهم إلى اتباع أمر الله - سبحانه وتعالى - وشريعته:{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}(١)، وفي هذا أمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن تبعه باتباع شريعة الله، والابتعاد عن شرائع البشر، ومن هذا كان الصحابة يستمدون دعوتهم إلى الشرائع من الوحي الرباني الذي أوصى به