للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"أي: اتركوهم وشأنهم فلا تأسروهم ولا تحصروهم ولا تقتلوهم" (١). هذه الآيات أصل لما قام به علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في مقاتلة المشركين.

[ز) الشاهد السابع: بيان عزة الإسلام في الدعوة]

قال - سبحانه وتعالى -: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} (٢)، ومن هذا كتاب خالد بن الوليد إلى أهل فارس، فعن أبي وائل - رضي الله عنه - قال: كتب خالد بن الوليد - رضي الله عنه - إلى أهل فارس يدعوهم إلى الإسلام: "بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد بن الوليد إلى رستم ومهران (٣) وملأ فارس، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإنا ندعوكم إلى الإسلام، فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، فإن أبيتم فإن معي قوماً يحبون القتل في سبيل الله كما تحب فارس الخمر، والسلام على من اتبع الهدى" (٤). ففي كتاب خالد بن الوليد هذا دعوة للإسلام "ندعوكم إلى الإسلام" مع عزة وقوة "وأنتم صاغرون"، وفي الآية السابقة أصل وأساس لما قام به خالد بن الوليد - رضي الله عنه -. وامتثالاً لقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} (٥)، لم يدع خالد بن الوليد - رضي الله عنه - الفرس إلى السلم والموادعة لأنه يعلم أن الإسلام هو الأعلى {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} بل طلب منهم الخضوع لحكم الإسلام وهم صاغرون كما في كتابه إلى هرمز صاحب


(١) فتح القدير، الشوكاني، ٢/ ٢٢٠.
(٢) سورة محمد، الآية: ٣٥.
(٣) رستم ومهران من قادة الفرس الذين حاربوا المسلمين.
(٤) المعجم الكبير، الطبراني، باب الخاء، باب من اسمه خالد، خالد بن الوليد المخزومي، رقم ٣٨٠٦، ٣/ ٩٥٤.
(٥) سورة فاطر، الآية: ١٠.

<<  <   >  >>