للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتضح ذلك من وصية أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لقادة الجيوش التي بعثها إلى الشام، إذ قال لهم: (إذا لقيتم العدو من المشركين إن شاء الله، فادعوهم إلى ثلاث، فإن هم أجابوكم فاقبلوا منهم وكفوا عنهم: ادعوهم إلى الإسلام، فإن هم أجابوكم فادعوهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن أجابوكم فأخبروهم أن لهم مثل ما للمهاجرين وعليهم ما عليهم ... ((١). فالتدرج من صميم منهج الصحابة في الدعوة إلى الله، ومن أسباب سلامته.

[الضابط الثالث: المرجعية]

ينطلق الصحابة في دعوتهم من أسس ثابتة وبناءً على ضوابط واضحة جعلوها دليلاً لهم فيما يقومون به، وكما أن لكل أمر مرجعاً يكون هو المعيار والمقياس الذي يعرف به مدى صحة هذا الأمر فقد اتخذوا - رضي الله عنهم - أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأوامره ونواهيه ضابطاً لهم في دعوتهم وجعلوها هي مرجعاً لهم يضبطون بها مسار دعوتهم ويقيسون بها مدى انضباطها وعدم خروجها عن المسار الصحيح؛ فكان المرجع لهم هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحرصوا على ذلك، قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٢)، فكان الصحابة - رضي الله عنهم - يتسابقون لدعوة أقوامهم حرصاً منهم على الخير لهم، إلا أنهم لا يقومون بهذا العمل إلا بعد أن يأخذوا العلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) السنن الكبرى، البيهقي، كتاب السير، باب فضل الجهاد في سبيل الله، رقم ١٨٥٠، ٩/ ٢٧٠.
(٢) سورة الحشر، الآية: ٧.

<<  <   >  >>