للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك سلوك عمير بن وهب الجمحي عندما أسلم وأقام في مكة لم يوال المشركين بل أصبح يتبرأ من أعمالهم ويدعوهم إلى الإسلام، وأسلم على يديه خلق كثير، ولم يجد حرجاً من أن يظهر شعائر دينه على الملأ (١).

ومن سلامة المنهج لدى الصحابة في دعوتهم أنهم لم يسمحوا للباطل أو يرضوه؛ فهذا الطفيل بن عمرو الدوسي يرفض الباطل الذي ذكرته له زوجته من تعرض ذي الشرى لها إذا هي اغتسلت بمائه ويأمرها بأن تغتسل.

وها هي أم سُليم لم تقبل أن تتزوج رجلاً مشركاً يعبد إلهاً مصنوعاً من شجرة حتى يسلم.

فلم يرضوا بالباطل للوصول إلى الحق ولم يتخذوه سبيلاً لهم، بل جعلوا الحق هو الطريق، قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} (٢).

كما كان من سلامة المنهج مراعاة الأولويات وذلك اقتداء بهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما في وصيته لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - عندما بعثه إلى اليمن قال له: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب (.


(١) انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، ١/ ٥٨٤.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ١٨.

<<  <   >  >>