للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الطفيل بن عمر الدوسي - رضي الله عنه - عندما أسلم وذهب داعية لقومه، وذلك ما يرويه عن نفسه قال: فأتتني صاحبتي فقلت: إليك عني فلست منك ولست مني، قالت: لِمَ بأبي أنت وأمي؟ قال: قد فرق بيني وبينك الإسلام وتبعت دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، قالت: فديني دينك، قال: قلت فاذهبي إلى حنا ذي الشرى -قال ابن هشام: ويقال حمى ذي الشرى- فتطهري منه، فذهبت فاغتسلت ثم جاءت فعرض عليها الإسلام فأسلمت. يقول ابن حجر في فتح الباري: "إن أهل المرء ونفسه من جملة رعيته، وهو مسؤول عنهم؛ لأنه أمر أن يحرص على وقايتهم من النار" (١)، إشارة إلى قوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (٢)؛ فالأهل للرجل والعشيرة للسيد هم من الرعية المسؤول عنها.

[جـ) الشاهد الثالث: إجارة المؤمن للكافر]

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يجير على أمتي أدناهم ((٣). وهذا أبو ذر - رضي الله عنه - كما سبق وذكرنا أجار حويطب بن عبد العزى وأمنه ودعاه للإسلام فكان أمان أبي ذر يعد أماناً من المسلمين جميعاً، كما في الحديث. وفي حديث أم هانئ عندما أجارت من أجارت وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لها: (أجرنا من أجرت يا أم هانئ (، كان ذلك من أسباب إسلام الحارث بن هشام. وكأن إجارة هؤلاء الصحابة مستمدة من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسنته وهي لما قاموا به أصل؛ وذلك


(١) فتح الباري، ابن حجر، كتاب النكاح، الباب ٨١، رقم ٥١٨٨، ١٠/ ٦١٤٦.
(٢) سورة التحريم، الآية: ٦.
(٣) المسند، الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، رقم ٨٧٦٦، ٣/ ٣٦٠. حديث صحيح (الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم ٢٤٤٩، ٥/ ٥٧٨).

<<  <   >  >>