للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، ويقصدون سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وبلالاً وغيرهم من المسلمين، فوقع في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء أن يقع فحدث نفسه، فأنزل الله - عز وجل -: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (١) (٢)، وقد قالت قريش لبعضهم: "هؤلاء أصحابه كما ترون، أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا بالهدى والحق، لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقنا هؤلاء إليه، وما خصهم الله دوننا" (٣).

وبذلك فإن الكبر كان مانعاً قوياً من دخول الملأ من المشركين للإسلام، وقبولهم له، حتى ولو كانوا موقنين بأنه الحق، {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} (٤).

[ب) حب الزعامة والجاه]

إن الزعامة والجاه والسلطة والتي تتوافر لدى الملأ من الناس هي دافع من دوافع امتناعهم ومعاداتهم للدعوة؛ لأنهم لا يرضون أن يكونوا بلا سلطة ولا جاه يميزهم عن غيرهم، ويجعل لهم أتباعاً يأتمرون بأمرهم وينتهون بنهيهم، كما أن اعتقادهم أن الأنبياء لم يأتوا إلا ليأخذوا الزعامة منهم، ففي قصة نوح - عليه السلام - في قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} (٥)، يقول الرازي: "إن من شُبَههم أن هذا الإنسان أحب الرياسة والمتبوعية فلم يجد


(١) سورة الأنعام، الآية: ٥٢.
(٢) انظر: صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم -، باب في فضل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، رقم ٦٢٤١، ص ١٠٦٤.
(٣) السيرة النبوية، ابن هشام، ١/ ٣٦٠.
(٤) سورة النمل، الآية: ١٤.
(٥) سورة المؤمنون، الآية: ٢٤.

<<  <   >  >>