للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القسم الأول: المعاند المتجبر]

إن المعاندة عند الملأ ناشئة عن الكبر والحسد والجاه، فجميع ذلك يجعل منه معانداً للحق الذي هو يعرفه، ويتجبر على من خالفه استصغاراً له واحتقاراً، وقد تعامل الصحابة - رضي الله عنهم - مع هؤلاء بما يناسبهم من بيان تقديرهم مع عدم الهيبة منهم، والغلظة عليهم، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} (١).

ومن هذا عندما اقتحم عمرو بن عبد ود الخندق وأخذ يدعو للبراز فخرج له علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وعرض عليه الإسلام، أو العودة إلى بلاده، لكنه رفض ذلك كله، عند ذلك بين له علي - رضي الله عنه - القوة والشدة والغلظة وطلبه إلى القتال، فقال عمرو بتجبر: إني أكره أن أقتلك، ولكن علياً - رضي الله عنه - قال له: ولكني أحب أن أقتلك، فمع مثل هذا استخدم علي - رضي الله عنه - مع الدعوة احتداماً وغلظة، حتى لا يُظن أن الإسلام ضعيف. وكذلك في رسل وكتب قادة المسلمين لفارس، ومحاورتهم معهم، فيها هيبة وغلظة، وإظهار عزة الإسلام والمسلمين؛ لأن المعاند منهم يحتاج ما يزحزحه من عناده ولو بالقوة والتخويف.

[القسم الثاني: الحكيم المتفاهم]

هذا النوع من ملأ المشركين هو أكثرهم تأثيراً بعد إسلامهم، وذلك لأن أحدهم لم يَسُدْ قومه إلا بعقله وسداد رأيه؛ لأنهم لا يقدمون على أمر إلا


(١) سورة التوبة، الآية: ٧٣.

<<  <   >  >>